﴿الله﴾، أي: الملك الأعلى المحيط بكل شيء، ثم اتبعه بالدلائل الدالة على وجوده وكمال علمه وقدرته، وذكر هنا عشرة أنواع من الدلائل: أوّلها: قوله تعالى: ﴿الذي خلق السموات﴾ وثانيها: قوله تعالى: ﴿والأرض﴾ وهما أكبر خلقاً منكم وأعظم شأناً. وثالثها قوله تعالى: ﴿وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم﴾ تعيشون به وهو يشمل المطعوم والملبوس.
تنبيه: الله مبتدأ، وخبره الذي خلق، ورزقاً مفعول لأخرج، ومن الثمرات بيان له حال منه، ويصح أن يكون المراد بالسماء هنا السحاب اشتقاقاً من السمو والارتفاع، وأن يكون الجرم المعهود فينزل من السماء إلى السحاب، ومن السحاب إلى الأرض، وقد ذكرت ذلك في سورة البقرة، وفي غيرها، ورابعها قوله تعالى: ﴿وسخر لكم الفلك﴾، أي: السفن ﴿لتجري في البحر﴾، أي: بالركوب والحمل ﴿بأمره﴾، أي: بمشيئته وإرادته، وخامسها: قوله تعالى: ﴿وسخر لكم الأنهار﴾، أي: ذللها لكم تجرونها حيث شئتم؛ لأنّ ماء البحر لا ينتفع به في سقي الزروع والثمرات ولا في الشراب فكان ذلك نعمة من الله تعالى، وسادسها وسابعها: قوله تعالى:
(٣/٤٣٥)
﴿وسخر لكم الشمس والقمر﴾ حال كونهما ﴿دائبين﴾، أي: جاريين في فلكهما لا يفتران في سيرهما وإنارتهما وتأثيرهما في إنارة الظلمة، وإصلاح النبات والحيوان إلى آخر الدهر، وهو انقضاء عمر الدنيا وذهابها، والشمس سلطانها النهار، وبها تعرف فصول السنة، وهي أفضل من القمر لكثرة نفعها، والقمر سلطانه الليل، وبه يعرف انقضاء الشهور، وكل ذلك بتسخير الله تعالى وإنعامه، وثامنها وتاسعها: قوله تعالى: ﴿وسخر لكم الليل والنهار﴾ يتعاقبان فيكم بالضياء والظلمة، والزيادة والنقصان، وذلك من نعم الله تعالى على عباده حيث جعل لهم الليل ليسكنوا فيه، والنهار ليبتغوا فيه من فضله. وعاشرها: قوله تعالى: