وقوله تعالى: ﴿وما ذرأ﴾ أي: خلق ﴿لكم في الأرض﴾ عطف على الليل، أي: وسخر لكم ما خلق لكم فيها من حيوان ونبات. وقيل: إنه في موضع نصب بفعل محذوف، أي: وخلق هكذا قدّره أبو البقاء وكأنه استبعد تسلط سخر على ذلك فقدّر فعلاً لائقاً. وقوله تعالى: ﴿مختلفاً﴾ حل منه. وقوله تعالى: ﴿ألوانه﴾ أي: في الخلقة والهيئة والكيفية فاعل به ﴿إنّ في ذلك لآية لقوم يذّكّرون﴾ أي: يتعظون. تنبيه: ختم تعالى الآية الأولى بالتفكر لأنّ ما فيها يحتاج إلى تأمّل ونظر، وختم الثانية بالعقل لأنّ مدار ما تقدّم عليه وختم الثالثة بالتذكر لأنه نتيجة ما تقدّم وجمع الآيات في الثانية دون الأولى والثالثة لأن ما نيط بها أكثر ولذلك ذكر معها العقل. ولما استدل سبحانه وتعالى على إثبات الإله أولاً بأجرام السموات والأرض وثانياً ببدن الإنسان وثالثاً بعجائب خلقة الحيوان ورابعاً بعجائب النبات ذكر خامساً عجائب العناصر وبدأ بالاستدلال بعنصر الماء بقوله تعالى:
(٤/٢٦)
وهو أي: لا غيره. وقرأ قالون وأبو عمرو والكسائي بسكون الهاء والباقون بضمها ﴿الذي سخر البحر﴾ أي: ذلله وهيأه لعيش ما فيه من الحيوان وتكوّن الجواهر وغير ذلك قال علماء الهيئة: ثلاثة أرباع كرة الأرض غائصة في الماء فذاك هو البحر المحيط وجعل في هذا الربع المسكون سبعة أبحر قال تعالى: ﴿والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر﴾ (لقمان، ٢٧)


الصفحة التالية
Icon