. تنبيه: قال الواحدي: لفظة من في قوله تعالى: ﴿ومن أوزار﴾ ليست للتبعيض لأنها لو كانت كذلك لنقص عن الأتباع بعض الأوزار وقد قال ﷺ «لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً» لكنها للجنس كما قدّرت ذلك في الآية الكريمة، أي: ليحملوا من جنس أوزار الأتباع. وقيل: إنها للتبعيض وجرى عليه البيضاوي تبعاً للزمخشري. ﴿ألا ساء﴾ أي: بئس ﴿ما يزرون﴾ أي: يحملون حملهم هذا وفي هذا وعيد وتهديد لهم. فإن قيل: إنّ الله تعالى حكى هذه الشبهة عن القوم ولم يجب عنها بل اقتصر على محض الوعيد فما السبب في ذلك؟ أجيب: بأنّ السبب فيه أنه تعالى بيّن كون القرآن معجزاً بطريقين: الأوّل: أنه ﷺ تحداهم أولاً بكل القرآن وثانياً بعشر سور وثالثاً بسورة فعجزواعن المعارضة وذلك يدل على كونه معجزاً الثاني: أنه تعالى حكى هذه الشبهة بعينها في آية أخرى وهي قوله تعالى: ﴿اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً﴾ (الفرقان، ٥٠)
وأبطلها بقوله تعالى: ﴿قل أنزله الذي يعلم السرّ في السموات والأرض﴾ (الفرقان، ٦)
. ومعناه أنّ القرآن يشتمل على الإخبار بالغيوب، وذلك لا يتأتى إلا ممن يكون عالماً بأسرار السموات والأرض. ولما ثبت كون القرآن معجزاً بهذين الطريقين وتكرّر شرح هذين الطريقين مراراً كثيرة لا جرم اقتصر في هذه الآية على مجرّد الوعيد ولم يذكر ما يجري مجرى الجواب عن هذه الشبهة ثم إنه سبحانه وتعالى بالغ في وصف وعيد هؤلاء الكفار بقوله تعالى:
(٤/٣٨)