(٤/٤٠)
على أنهم كانوا تحته وحينئذٍ يفيد هذا الكلام بأنّ الأبنية قد تهدّمت وهم ماتوا تحتها. ولما ذكر الله تعالى حال أصحاب المكر في الدنيا ذكر حالهم في الآخرة بقوله عز وجلّ:
﴿
ثم يوم القيامة يخزيهم﴾ أي: يذلهم ويهينهم بعذاب النار ﴿ويقول﴾ لهم الله تعالى على لسان الملائكة توبيخاً: ﴿أين شركائي﴾ أي: في زعمكم واعتقادكم ﴿الذين كنتم تشاقون﴾ أي: تخالفون المؤمنين ﴿فيهم﴾ أي: في شأنهم وقرأ نافع بكسر النون والباقون بفتحها ﴿قال﴾ أي: يقول ﴿الذين أوتوا العلم﴾ أي: من الأنبياء والمؤمنين وقال ابن عباس: يريد الملائكة ﴿إنّ الخزي﴾ أي: البلاء المذل ﴿اليوم﴾ أي: يوم الفصل الذي يكون للفائز فيه العاقبة المأمونة ﴿والسوء﴾ أي: كل ما يسوء ﴿على الكافرين﴾ أي: الغريقين في الكفر الذين تكبروا في غير موضع التكبر، وفائدة قولهم إظهار الشماتة، وزيادة الإهانة، وحكايته لتكون لطفاً لمن سمعه. تنبيه: في الآية دلالة على أن ماهية الخزي وماهية السوء في يوم القيامة مختصة بالكافرين وهذا ينفي حصول هذه الماهية في حق غيرهم ويؤكد هذا قول موسى عليه السلام: ﴿إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى﴾ (طه، ٤٨)
ثم إنه تعالى وصف عذاب هؤلاء الكافرين من وجه آخر فقال سبحانه وتعالى: ﴿الذين تتوفاهم الملائكة﴾ أي: يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه عليهم السلام. وقرأ حمزة في هذه الآية وفي الآية الآتية بالياء في الموضعين على التذكير لأن الملائكة ذكور والباقون بالتاء على التأنيث لأن لفظ الجمع مؤنث. ﴿ظالمي أنفسهم﴾ أي: بأن عرضوها للعذاب المخلد بكفرهم ﴿فالقوا السلم﴾ أي: استسلموا وانقادوا حين عاينوا الموت قائلين: ﴿ماكنا نعمل من سوء﴾ أي: شرك وعدوان فتقول لهم الملائكة: ﴿بلى﴾ أي: بل كنتم تعملون أعظم السوء ثم علل تكذيبهم بقوله تعالى: ﴿إنّ الله عليم بما كنتم تعملون﴾ أي: فلا فائدة لكم في إنكاركم فيجازيكم به.
(٤/٤١)