(٤/٥٩)
إليه والعناية به. ألا ترى أنك لو قلت: إنما هو إله، ولم تؤكده بواحد لم يحسن وخيل أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية، ثم علل تعالى ذلك النهي بما اقتضاه السياق من الوحدانية فقال جل ذكره: ﴿إنما هو﴾ أي: الإله المفهوم من لفظ إلهين الذي لا يستحق غيره أن يطلق عليه هذا الضمير إلا مجازاً لأنه لا يطلق إطلاقاً حقيقياً إلا على من وجوده من ذاته.k
﴿إله﴾ أي: مستحق هذا الوصف على الإطلاق ﴿واحد﴾ لا يمكن أن يثنى بوجه ولا أن يجزأ بغاية وغير غاية لغناه المطلق عن كل شيء واحتياج كل شيء إليه. ولما دلت الدلائل على أنه لا بدّ للعالم من إله وثبت أنّ القول بوجود إلهين محال، وثبت أنه لا إله إلا الواحد الأحد الفرد الصمد، قال تعالى بعده: ﴿فإياي فارهبون﴾ أي: خافون دون غيري والرهبة مخافة مع حزن واضطراب وإنما نقل الكلام من الغيبة إلى خطاب الحضور وهو من طريقة الالتفات لأنه أبلغ في الترهيب من قوله فإياه فارهبوه، ومن أن يجيء ما قبله على لفظ المتكلم. ولما ثبت بالدليل الصحيح والبرهان الواضح أنّ إله العالم لا شريك له في الإلهية وجب أن يكون جميع المخلوقات عبيده وفي ملكه وتصرفه وتحت قهره وذلك قوله تعالى:
(٤/٦٠)