. وقيل: إنه اكتفى بأحد المتقابلين. وقيل: كان المخاطبون بهذا الكلام العرب وبلادهم حارّة فكان حاجتهم إلى ما يدفع الحرّ فوق حاجتهم إلى ما يدفع البرد كما قال تعالى: ﴿ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها﴾ وسائر أنواع الثياب أشرف إلا أنه تعالى ذكر ذلك النوع لأنه كان الفهم بها أشدّ واعتيادهم للبسها أكثر، ولما كانت السرابيل نوعاً واحداً لم يكرّر لفظ جعل فقال: ﴿وسرابيل﴾ أي: دروعاً من حديد وغيرها ﴿تقيكم بأسكم﴾ أي: حربكم، أي: في الطعن والضرب فيها. ولما عدّد الله تعالى أنواع نعمه قال: ﴿كذلك﴾ أي: كإتمام هذه النعمة المتقدّمة ﴿يتمّ نعمته عليكم﴾ في الدنيا والدين بالبيان والهداية لطريق النجاة والمنافع والتنبيه على دقائق ذلك ﴿لعلكم﴾ يا أهل مكة ﴿تسلمون﴾ أي: تخلصون لله الربوبية وتعلمون أنه لا يقدر على هذه الأنعامات أحد سواه، وقيل: تسلمون من الجراح بلبس الدروع.
﴿فإن تولوا﴾ فلم يقبلوا منك وآثروا لذات الدنيا ومتابعة الآباء والمعاداة في الكفر ﴿فإنما عليك﴾ يا أفضل الخلق ﴿البلاغ المبين﴾ هذا جواب الشرط وفي الحقيقة جواب الشرط محذوف، أي: فقد تمهد عذرك بعد ما أدّيت ما وجب عليك من التبليغ فذكر سبب العذر وهو البلاع ليدل على المسبب وذلك لأنّ تبلغيه سبب في عذره فأقيم السبب مقام المسبب وهذا قبل الأمر بالقتال، ثم إنه تعالى ذمّهم بأنهم
(٤/١٠٢)


الصفحة التالية
Icon