﴿ولقد نعلم﴾ أي: علماً مستمرّاً ﴿أنهم يقولون إنما يعلّمه بشر﴾ واختلف في البشر الذي قال المشركون إنّ النبيّ ﷺ يتعلم منه فقيل: هو عبد لبني عامر بن لؤيّ يقال له: يعيش كان يقرأ الكتب، وقيل: عداس غلام عتبة بن ربيعة، وقيل: عبد لبني الحضرمي صاحب كتب، وكان اسمه خيراً فكانت قريش تقول: عبد بني الحضرمي يعلّم خديجة وخديجة تعلّم محمداً، وقيل: كان بمكة نصراني أعجميّ اللسان اسمه بلعام، ويقال: ابن ميسرة يتكلم بالرومية، وقيل: سلمان الفارسي، وبالجملة فلا فائدة في تعداد هذه الأسماء والحاصل أنّ القوم اتهموه بأنه يتعلم هذه الكلمات من غيره ثم إنه يظهرها من نفسه، ويزعم أنه إنما عرفها بالوحي وهو كاذب فيه فأجاب الله تعالى عنه تكذيباً لهم فيما رموا به رسول الله ﷺ من الكذب بقوله تعالى: ﴿لسان الذي يلحدون﴾ أي: يميلون إليه أو يشيرون ﴿إليه﴾ أي: أنه يعلمه ﴿أعجميّ﴾ أي: لا يعرف لغة العرب وهو مع ذلك الكن في التأدية غير مبين ﴿وهذا﴾ أي: القرآن ﴿لسان عربيّ مبين﴾ أي: ذو بيان وفصاحة فكيف يعلمه أعجميّ. وروي أنّ الرجل الذي كانوا يشيرون إليه أسلم وحسن إسلامه.
﴿إنّ الذين لا يؤمنون﴾ أي: لا يصدقون كل تصديق معترفين ﴿بآيات الله﴾ أي: الذي له العظمة كلها ﴿لا يهديهم الله﴾ أي: لا يرشدهم ولا يوفقهم للإيمان ﴿ولهم عذاب أليم﴾ أي: مؤلم في الآخرة. ثم أخبر الله تعالى أنّ الكفار المفترون بقوله تعالى:
﴿إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله﴾ أي: القرآن بقولهم: هذا من قول البشر ﴿وأولئك﴾ أي: البعداء البغضاء ﴿هم الكاذبون﴾ أي: الكاملون في الكذب لأنّ تكذيب آيات الله أعظم من الكذب أولئك هم الذين عادتهم الكذب لا يبالون به في كل شيء لا يحجبهم عنه مروءة ولا دين. ولما ذكر تعالى الذين لا يؤمنون مطلقاً أتبعهم صنفاً منهم هم أشدّ كفراً بقوله تعالى:
(٤/١٢٣)


الصفحة التالية
Icon