﴿يوم﴾ أي: اذكر يوم ﴿تأتي كل نفس﴾ أي: وإن عظم جرمها ﴿تجادل﴾، أي: تحاجج ﴿عن نفسها﴾ أي: لا يهمها غيرها وهو يوم القيامة. فإن قيل: ما معنى النفس المضافة إلى النفس؟ أجيب: بأنه يقال لعين الشيء وذاته نفسه وفي نقيضه غيره، والنفس الجملة كما هي فالنفس الأولى هي الجملة والثانية عينها وذاتها فكأنه قيل: يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته لا يهمه شأن غيره كلٌ يقول: نفسي نفسي، ومعنى المجادلة عنها الاعتذار عنها كقولهم: هؤلاء الذين أضلونا وما كنا مشركين. ﴿وتوفى كل نفس﴾ صالحة أو غير صالحة ﴿ما عملت﴾ أي: جزاءه من جنسه ﴿وهم لا يظلمون﴾ أي: شيئاً. ولما هدّد تعالى الكفار بالوعيد الشديد في الآخرة هدّدهم أيضاً بآفات الدنيا وهي الوقوع في الجوع والخوف بقوله تعالى:
﴿وضرب الله﴾ أي: المحيط بكل شيء ﴿مثلاً﴾ ويبدل منه ﴿قرية﴾ هي مكة والمراد أهلها ﴿كانت آمنة﴾ أي: ذات أمن ويأمن بها أهلها في زمن الخوف، قال تعالى: ﴿أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم﴾ (العنكبوت، ٦٧)
(٤/١٢٨)