(٤/١٢٩)
يكون غير مكة. ﴿والخوف﴾ بسرايا النبيّ ﷺ تنبيه: استعير الذوق لإدراك أثر الضرر واللباس لما غشيهم واشتمل عليهم من الجوع والحوف وأوقع الإذاقة عليه بالنظر إلى المستعار له كقول كثير عزة:

*غمر الرداء إذا تبسم ضاحكاً غلقت لضحكته رقاب المال
فإنه استعار الرداء للمعروف لأنه يصون عرض صاحبه صون الرداء لما يلقى عليه وأضاف إليه الغمر الذي هو وصف المعروف والنوال لا وصف الرداء نظراً إلى المستعار له ولو نظر إلى المستعار لقال: ضافي الرداء، أي: سابغه ومعنى البيت إذا ضحك المسؤول ضحكة أيقن السائل بذلك التبسم استرقاق رقاب ماله وأنه يعطي بلا خلاف وقد ينظر إلى المستعار له كقوله:
*ينازعني ردائي عبد عمرو رويدك يا أخا عمرو بن بكر
*لي الشطر الذي ملكت يميني ودونك فاعتجر منه بشطر
استعار الدراء للسيف ثم قال: فاعتجر نظراً إلى المستعار ولو نظر إلى المستعار منه لقال تعالى في الآية: وكساهم لباس الجوع والخوف ولقال كثير: ضافى الرداء إذا تبسم ضاحكاً وهذا نهاية ما يقال في الاستعارة، وقال ابن عطية: لما باشرهم ذلك صار كاللباس وهذا كقول الأعشى:
*إذا ما الضجيع ثنى جيدها تثنت عليه فكانت لباسا
ومثله قوله تعالى: ﴿هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ﴾ (البقرة، ١٨٧)
ومثله قول الشاعر:
*وقد لبست بعد الزبير مجاشع لباس التي حاضت ولم تغسل الدما
كأنَّ العار لما باشرهم ولصق بهم كأنهم نسوة وقوله تعالى: ﴿فأذاقها﴾ نظير قوله تعالى: ﴿ذق إنك أنت العزيز الكريم﴾ (الدخان، ٤٩)
ونظير قول الشاعر: دون ما جنيت فاحس وذق.
وقوله تعالى: ﴿بما كانوا يصنعون﴾ يجوز أن تكون ما مصدرية، أي: بسبب صنعهم أو بمعنى الذي والعائد محذوف، أي: بسبب الذي كانوا يصنعونه والواو في يصنعون عائد على أهل البلد، وقيل: قرية نظير قوله تعالى: ﴿أو هم قائلون﴾ (الأعراف، ٤)
بعد قوله تعالى: ﴿وكم من قرية أهلكناها﴾ (الأعراف، ٤)
(٤/١٣٠)


الصفحة التالية
Icon