. ولما ذكر الله تعالى المثل ذكر الممثل له فقال تعالى:
﴿ولقد جاءهم﴾ أي: أهل هذه القرية ﴿رسول منهم﴾ من نسبهم يعرفونه بأصله ونسبه وهو محمد ﷺ ﴿فكذبوه فأخذهم العذاب﴾ قال ابن عباس: يعني الجوع الذي كان بمكة، وقيل: القتل الذي كان يوم بدر ﴿وهم ظالمون﴾ أي: في حال تلبسهم بالظلم كقوله تعالى: ﴿الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم﴾ (النساء، ٩٧)
نعوذ بالله من مفاجأة النقمة والموت على الغفلة. وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بإظهار دال قد عند الجيم والباقون بالادغام ثم قال تعالى:
﴿فكلوا﴾ أي: أيها المؤمنون ﴿مما رزقكم الله﴾ قال ابن عباس: يريد من الغنائم. وقال الكلبي: إنّ رؤوساء مكة كلموا رسول الله ﷺ حين جهدوا وقالوا: عاديت الرجال فما بال النساء والصبيان، وكانت الميرة قد قطعت عنهم فأذن في الحمل إليهم فحمل الطعام إليهم فقال الله تعالى: ﴿كلوا مما رزقكم الله﴾. وقال الرازي: والقول ما قال ابن عباس يدل عليه قوله تعالى بعد هذه الآية ﴿إنما حرم عليكم الميتة﴾ يعني أنكم لما آمنتم وتركتم الكفر فكلوا مما رزقكم الله. ﴿حلالاً طيباً﴾ وهو الغنيمة واتركوا الخبائث وهي الميتة والدم. ولما أمرهم تعالى بأكل الحلال أمرهم بشكر النعمة بقوله تعالى: ﴿واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون﴾ أي: تطيعون. تنبيه: رسمت نعمت بالتاء وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالهاء والباقون بالتاء والكسائي يقف بالإمالة.
(٤/١٣١)


الصفحة التالية
Icon