ثم إنه تعالى أوعد المفترين بقوله تعالى: ﴿إنّ الذين يفترون على الله﴾ أي: الذي له الملك كله ﴿الكذب﴾ منكم ومن غيركم ﴿لا يفلحون﴾ أي: لا يفوزون بخير لأن المفتري يفتري لتحصيل مطلوب فنفى الله تعالى عنه الفلاح، لأنه الفوز بالخير والنجاح. ثم بين تعالى أن ما هم فيه من نعيم الدنيا يزول عنهم عن قريب بقوله تعالى:
(٤/١٣٤)
﴿متاع قليل﴾ أي: منفعة قليلة تنقطع عن قرب لفنائه وإن امتدّ ألف عام ﴿ولهم﴾ بعده ﴿عذاب أليم﴾ أي: مؤلم في الآخرة. ولما بين تعالى ما يحل ويحرم لأهل الإسلام أتبعه ببيان ما يخص اليهودية من المحرمات بقوله تعالى:
﴿وعلى الذين هادوا﴾ أي: اليهود ﴿حرّمنا﴾ عليهم عقوبة لهم بعداوتهم وكذبهم على ربهم ﴿ما قصصنا عليك﴾ يا أجل المرسلين ﴿من قبل﴾ أي: في سورة الأنعام وهو قوله تعالى: ﴿وعلى الذين هادوا حرّمنا كل ذي ظفر﴾ (الأنعام، ١٦٤)
الآية. ﴿وما ظلمناهم﴾ أي: بتحريم ذلك عليهم ﴿ولكن كانوا﴾ أي: دائماً طبعاً لهم وخلقاً مستمرًّا ﴿أنفسهم﴾ خاصة ﴿يظلمون﴾ بالبغي والكفر فضيقنا عليهم معاملة بالعدل وعاملناكم أنتم حيث ظلمتم بالفضل فاشكروا النعمة واحذروا غوائل النقمة. ولما بيّن تعالى هذه النعمة الدنيوية عطف عليها نعمة هي أكبر منها جدًّا استجلاباً لكل ظالم، وبين عظمتها بحرف التراخي فقال تعالى:
(٤/١٣٥)


الصفحة التالية
Icon