. وقوله ﷺ «إنما الأعمال بالنيات». الثاني: قوله تعالى: ﴿وسعى لها سعيها﴾ وذلك يقتضي أن يكون ذلك العمل من باب القرب والطاعات وكثير من الضلال يتقرّبون بعبادة الأوثان ولهم فيها تأويلات، أحدها أنهم يقولون إله العالم أجل وأعظم من أن يقدر الواحد منا على إظهار عبوديته وخدمته ولكن غاية قدرتنا أن نشتغل بعبادة بعض المقرّبين من عباد الله بأن يشتغل بعبادة كوكب أو ملك من الملائكة ثم إن الملك أو الكوكب يشتغل بعبادة الله تعالى فهؤلاء يتقرّبون إلى الله تعالى بهذا الطريق وهذه طريقة فاسدة فلا جرم أنه لم ينتفع بها. ثانيها أنهم قالوا اتخذنا هذه التماثيل على صورة الأنبياء والأولياء والمراد من عبادتها أن تصير تلك الأنبياء والأولياء شفعاء لنا عند الله وهذا الطريق أيضاً فاسد فلا جرم لم ينتفع بها. ثالثها: أنه نقل عن أهل الهند أنهم يتقرّبون إلى الله بقتل أنفسهم تارة أخرى أنفسهم أخرى وهذه الطريقة أيضاً فاسدة فلا جرم لم ينتفع بها. وكذا القول في جميع الفرق المبطلين الذين يتقرّبون إلى الله تعالى بمذاهبهم الباطلة.
الثالث: قوله تعالى: ﴿وهو مؤمن﴾ لأنّ الشرط في كون أعمال البرّ مقتضية للثواب هو الإيمان فإن لم يوجد لم يحصل المشروط، وعن بعض المتقدّمين من لم يكن معه ثلاث لم ينفعه عمله إيمان ثابت ونية صادقة وعمل مصيب، وتلا هذه الآية. ثم إنه تعالى أخبر عند وجود هذه الشروط بقوله تعالى: ﴿فأولئك﴾ أي: العالو الرتبة لجمعهم الشرائط الثلاثة ﴿كان سعيهم مشكوراً﴾ أي: مقبولاً مثاباً عليه بالتضعيف وبعضهم يفتح له أبواب الدنيا مع ذلك كداود وسليمان عليهما السلام ويستعمله فيها بما فيه مرضاة الله تعالى وبعضهم يزويها عنه كرامة له لا هواناً به فربما كان الفقر خيراً له وأعون على مراده، فالحاصل أنها إن وجدت عند الولي لم تشرفه وإن عدمت عنه لم تحقره، وإنما التشريف وغيره عند الله تعالى بالأعمال.
(٤/١٩٠)