(٤/٢٠١)
فأثبت للشمال يداً وللقرة زماماً ووضع زمامها في يد الشمال فكذا هنا ومن ظريف ما حكي أنّ أبا تمام لما نظم قوله:
*لا تسقني ماء الملام فإنني
... صبّ قد استعذبت ماء بكائي
جاءه رجل بقصعة وقال له: اعطني شيئاً من ماء الملام فقال له: حتى تأتيني بريشة من جناح الذل يريد أنّ هذا مجازاً استعاره لذلك وقال بعضهم:
*راشوا جناحي ثم بلوه بالندى
... فلم أستطع من حبهم أن أطيرا
الخامس قوله تعالى: ﴿وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً﴾ أي: لا تكتف برحمتك عليهما التي لا بقاء لها وادع الله أن يرحمهما برحمته الباقية واجعل ذلك جزاء لرحمتهما عليك في صغرك وتربيتهما لك هذا إذا كانا مسلمين، فإن كانا كافرين فإنّ الدعاء لهما بالرحمة منسوخ بقوله تعالى: ﴿ما كان للنبيّ والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى﴾ (التوبة، ١١٣)
بل يدعو الله تعالى لهما بالهداية والإرشاد فإذا هداهما فقد رحمهما. وسئل بعضهم عن برّ الوالدين فقال: لا ترفع صوتك عليهما ولا تنظر إليهما شزراً ولا يريا منك مخالفة في ظاهر ولا باطن، وأن تترحم عليهما ما عاشا. وتدعو لهما إذا ماتا وتقوم بخدمة أودّائهما من بعدهما لما ورد عنه ﷺ أنه قال: «من أبرّ البرّ أن يصل الرجل أهل ودّ أبيه».
(٤/٢٠٢)