(٤/٢٠٣)
كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك وأنت تفعل ذلك وأنت تريد موتهما». ومنها ما رواه أبو هريرة أنّ رسول الله ﷺ قال: «رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ، ورغم أنف رجل أتى عليه شهر رمضان فلم يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك أبويه الكبر فلم يدخلاه الجنة». ومنها ما روي «أنّ رجلاً شكا إلى رسول الله ﷺ أباه وأنه يأخذ ماله فدعاه فإذا هو شيخ يتوكأ على عصا فسأله فقال: إنه كان ضعيفاً وأنا قويّ وفقيراً وأنا غنيّ فكنت لا أمنعه شيئاً من مالي واليوم أنا ضعيف وهو قويّ وأنا فقير وهو غنيّ ويبخل عليّ بماله فبكى رسول الله ﷺ وقال: ما من حجر ولا مدر يسمع بهذا إلا بكى ثم قال للولد: أنت ومالك لأبيك». وشكا إليه آخر سوء خلق أمّه فقال: «لم تكن سيئة الخلق حين حملتك تسعة أشهر قال: إنها سيئة الخلق قال: لم تكن كذلك حين أرضعتك حولين قال: إنها سيئة الخلق. قال: لم تكن كذلك حين أسهرت لك ليلها واظمأت لك نهارها قال: لقد جازيتها. قال: ما فعلت؟ قال: حججت بها على عنقي. قال: ما جزيتها». وعن ابن عمر أنه رأى رجلاً في الطواف يحمل أمّه ويقول:
*أنا لها مطية لا تذعر
... إذا الركائب نفرت لا تنفر
*ما حملت وأرضعتني أكثر
... الله ربي ذو الجلال الأكبر
تظنني جزيتها يا ابن عمر قال: لا، والله ولا زفرة واحدة. ولما كان ما ذكر في حق الوالدين عسراً جدّا يحذر من التهاون به أشار بقوله تعالى:
(٤/٢٠٤)