قال بعض العلماء: خرجت هذه الآية على وفق عادة العرب وذلك لأنهم كانوا يجمعون الأموال بالنهب والغارة ثم كانوا ينفقونها في الخيلاء والتفاخر وكان المشركون من قريش وغيرهم ينفقون أموالهم ليصدّوا الناس عن الإسلام وتوهين أهله وإعانة أعدائه فنزلت هذه الآية تنبيهاً على قبح أفعالهم في هذا الباب وقوله تعالى: ﴿وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها﴾ نزل في مهجع وبلال وصهيب وسالم وخباب وكانوا يسألون النبيّ ﷺ في الأحايين ما يحتاجون إليه ولا يجد فيعرض عنهم حياء منهم ويمسك لانتظار رزق من الله يرجوه أن يأتيه فيعطيه ﴿فقل لهم﴾ أي: في حالة الإعراض ﴿قولاً ميسوراً﴾ أي: ذا يسر يشرح صدروهم ويبسط رجاءهم لأنّ ذلك أقرب إلى طريق المتقين المحسنين. قال أبو حيان: روي أنه عليه الصلاة والسلام كان بعد نزول هذه الآية إذا لم يكن عنده ما يعطي وسئل يقول: «يرزقنا الله تعالى وإياكم من فضله» انتهى. وقد وقع هذا الابتغاء موضع الفقد لأنّ فاقد الرزق مبتغ له فكان الفقد سبباً للابتغاء والابتغاء مسبباً عنه فوضع المسبب موضع السبب، ثم أمر تعالى نبيَّه بما وصف له عباده المؤمنين في الإنفاق في سورة الفرقان بقوله تعالى: ﴿والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما﴾ (الفرقان، ٦٧)
(٤/٢٠٧)