. فقال تعالى: ﴿ولا تجعل يدك﴾ أي: بالبخل ﴿مغلولة﴾ أي: كأنها بالمنع مشدودة بالغل ﴿إلى عنقك﴾ أي: لا تستطيع مدّها أي: لا تمسك عن الإنفاق بحيث تضيق على نفسك وأهلك في وجوه صلة الرحم وسبيل الخيرات، والمعنى لا تجعل يدك في انقباضها كالمغلولة الممنوعة من الانبساط ﴿ولا تبسطها﴾ بالبذل ﴿كل البسط﴾ فتبذر بحيث لا يبقى في يدك شيء. ذكر الحكماء في كتب الأخلاق أنّ لكل خلق طرفي إفراط وتفريط وهما مذمومان والخلق الفاضل هو العدل والوسط، فالبخل إفراط في الإمساك والتبذير إفراط في الإنفاق وهما مذمومان والمعتدل هو الوسط. وعن جابر أتى رسول الله ﷺ صبيّ فقال: يا رسول الله إنّ أمي تستكسيك درعاً أي: قميصاً ولم يكن لرسول. الله ﷺ إلا قميصه فقال للصبيّ: «من ساعة إلى ساعة». هذا متعلق بمحذوف، أي: أخر سؤالك من ساعة ليس لنا فيها درع إلى ساعة يظهر لنا فيها درع فعد إلينا فذهب إلى أمّه فقالت له: قل له إنّ أمي تستكسيك الدرع الذي عليك فدخل رسول الله ﷺ ونزع قميصه فأعطاه وقعد عرياناً أي: في إزار ونحوه فأذن بلال بالصلاة فانتظره فلم يخرج فشغل قلوب أصحابه فدخل عليه بعضهم فرآه عرياناً. فأنزل الله تعالى ﴿ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط﴾». فتعطي جميع ما عندك.
تنبيه: ما ذكرته عن جابر تبعاً «للكشاف» والبيضاوي والرازي وغيرهم قال الوليّ العراقي: لم أقف عليه وكذا قال الحافظ ابن حجر وقد يقال من حفظ حجة على من لم يحفظ.
(٤/٢٠٨)