فإن قيل: لم قدم المفعول؟ أجيب: بأنّ تقديمه للتعظيم والاهتمام به والدلالة على الحصر، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه نعبدك ولا نعبد غيرك وتقديم ما هو مقدّم في الوجود والتنبيه على أنّ العابد ينبغي أن يكون نظره إلى المعبود أولاً وبالذات ومنه إلى العبادة لا من حيث أنها عبادة صدرت عنه بل من حيث أنها نسبة شريفة إليه ووصلة بينه وبين الحق فإنّ العارف إنما يحق وصوله إذا استغرق في ملاحظة جناب القدس وغاب عما عداه حتى أنه لا يلاحظ نفسه ولا حالاً من أحوالها إلا من حيث أنها ملاحظة له ومنتسبة إليه ولذلك فضل ما حكي عن حبيبه محمد ﷺ حين قال: ﴿لا تحزن إنّ الله معنا﴾ (التوبة، ٤٠) على ما حكاه عن كليمه موسى ﷺ حيث قال: ﴿إن معي ربي سيهدين﴾ (الشعراء، ٦٢) لأنّ الأوّل قدّم ذكر الله تعالى على المعية والثاني بالعكس.
﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ بيان للمعونة المطلوبة فكأنه قال: كيف أعينكم فقالوا: اهدنا والهداية الدلالة بلطف ولذلك تستعمل في الخير.
فإن قيل: قال الله تعالى: ﴿فاهدوهم إلى صراط الجحيم﴾ (الصافات، ٢٣) أجيب: بأنه وارد على التهكم.
(١/٢١)


الصفحة التالية
Icon