تنبيه: هدى أصله أن يتعدّى باللام أو بإلى كقوله تعالى: ﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم﴾ (الإسراء، ٩) ﴿وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم﴾ (الأعراف، ١٧٥) فعومل معاملة اختار في قوله تعالى: ﴿واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا﴾ (الأعراف، ١٥٥) وقد يتعدى بنفسه كما هنا وهو حينئذٍ محتمل لإضمار الحرف ولعدم إضماره وهداية الله تعالى تتنوّع أنواعاً لا يحصيها عدد كما قال تعالى: ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾ (إبراهيم، ٣٤) (النحل، ١٨) ولكنها تنحصر في أجناس مرتبة، الأوّل: إفاضة القوى التي يتمكن بها المؤمن من الاهتداء إلى مصالحه كالقوة العقلية والحواس الباطنة والمشاعر الظاهرة والثاني: نصب الدلائل الفارقة بين الحق والباطل والصلاح والفساد، وإليه أشار تعالى حيث قال: ﴿وهديناه النجدين﴾ (البلد، ١٠) أي طريق الخير والشر وقال: ﴿وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى﴾ (فصلت، ١٧) والثالث: الهداية بإرسال الرسل وإنزال الكتب وإياها عنى بقوله تعالى: ﴿وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا﴾ (الأنبياء، ٧٣) وقوله: ﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم﴾ (الإسراء، ٩) والرابع: أن يكشف لقلوبهم السرائر ويريهم الأشياء كما هي بالوحي والإلهام والمنامات الصادقة وهذا القسم يختص بنيله الأنبياء والأولياء وإياه عنى تعالى بقوله: ﴿أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده﴾ (الأنعام، ٩٠) وقوله: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ (العنكبوت، ٦٩).
(١/٢٢)