فروع: الأول: هذا السلام يمكن أن يكون من اللّه وأن يكون من الملائكة وعلى التقديرين ففيه دلالة على تشريفه لأن الملائكة لا يسلمون إلا عن أمر اللّه تعالى.
الثاني: ليحيى مزية في هذا السلام على ما لسائر الأنبياء لقوله تعالى: ﴿سلام على نوح﴾ (الصافات، ٧٩)
﴿سلام على إبراهيم﴾ (الصافات، ١٠٩)
لأنه تعالى قال يوم ولد وليس كذلك سائر الأنبياء.
الثالث: روي أن عيسى عليه السلام قال ليحيى عليه السلام : أنت أفضل مني لأن اللّه تعالى قال: سلام عليه وأنا سلمت على نفسي، قال الرازي: وهذا ليس بقوي لأن سلام عيسى على نفسه يجري مجرى سلام اللّه تعالى على يحيى لأن عيسى معصوم لا يفعل إلا ما أمر اللّه تعالى انتهى ولكن بين السلامين مزية.
تنبيه: هذه القصة قد ذكرت في آل عمران بقوله تعالى: ﴿كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً﴾ (آل عمران، ٣٧)
إلى أن قال: ﴿هنالك دعا زكريا ربه قال: رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء فنادته الملائكة وهو قائم﴾ (آل عمران، ٣٨)
لأن زكريا عليه السلام لما رأى خرق العادة في حق مريم طمع في حق نفسه فدعا وقد وقعت المخالفة في ذكر ما هنا وهناك في الألفاظ من وجوه، الأول منها: أن اللّه تعالى صرّح في آل عمران بأن المنادي هو الملائكة بقوله تعالى: ﴿فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب﴾ (آل عمران، ٣٩)
وفي هذه السورة الأكثر على أن المنادي بقوله يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى هو اللّه تعالى وأجيب: بأن اللّه تعالى هو المبشر سواء كان بواسطة أم لا، الثاني: أنه قال تعالى في آل عمران: ﴿أنّى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر﴾ (آل عمران، ٤٠)
(٥/١٥٩)