وخامسها: إن كانت لا تنفع ولا تضر فلا يرجى بها منفعة ولا يخاف من ضررها فأيّ فائدة في عبادتها؟.
وسادسها: إذا كانت لا تحفظ نفسها عن الكسر والإفساد حين جعلها إبراهيم عليه السلام جذاذاً فأي رجاء فيها للغير؟ فكأنه عليه السلام قال: ليست الإلهية إلا لرب يسمع ويبصر ويجيب دعوة الداعي إذا دعاه، النوع الثاني: قوله:
﴿يا أبت إني قد جاءني﴾ من المعبود الحق ﴿من العلم ما لم يأتك﴾ منه ﴿فاتّبعني﴾ أي: فتسبب من ذلك أني أقول لك وجوباً عليّ للنهي عن المنكر ونصيحة لمالك عليّ من الحق اجتهد في تبعي ﴿أهدك صراطاً﴾ أي: طريقاً ﴿سوياً﴾ أي: مستقيماً كما أني لو كنت معك في طريق محسوس وأخبرتك أنّ أمامنا مهلكاً لا ينجو منه أحد وأمرتك أن تسلك مكاناً غير ذلك لأطعتني ولو عصيتني فيه عدّك كل أحد غاوياً.
النوع الثالث: قوله:
(٥/١٨٥)
﴿يا أبت لا تعبد الشيطان﴾ فإنّ الأصنام ليس لها دعوة أصلاً والله تعالى قد حرّم عبادة غيره مطلقاً على لسان كل وليّ فتعين أن يكون الآمر بذلك الشيطان فكأنه هو المعبود بعبادتها في الحقيقة ثم علل هذا النهي بقوله ﴿أنّ الشيطان﴾ البعيد من كل خير المحترق باللعنة ﴿كان للرحمن عصياً﴾ بالقوّة من حين خلق وبالفعل من حين أمره بالسجود لأبيك آدم عليه السلام فأبى فهو عدوّ لله وله والمطيع للعاصي لشيء عاص لذلك الشيء لأنّ صديق العدوّ عدوّ.