﴿أطلع الغيب﴾ الذي هو غائب عن كل مخلوق فهو في بعد عن الخلق كالعالي الذي لا يمكن أحداً منهم الاطلاع إليه وتفرد به الواحد القهار ﴿أم اتخذ﴾ أي: بغاية جهده ﴿عند الرحمن عهداً﴾ عاهده عليه بأن يؤتيه ما ذكر بطاعة فعلها على وجهها ليقف سبحانه فيه عند قوله وقيل في العهد كلمة الشهادة، وعن قتادة هل له عمل صالح قدمه فهو يرجو بذلك ما يقول، وعن الكلبي هل عهد الله إليه أن يؤتيه ذلك وعن الحسن رحمه الله تعالى نزلت في الوليد بن المغيرة والمشهور أنها في العاص بن وائل قال خباب بن الأرت كان لي عليه دين فاقتضيته فقال: لا والله حتى تكفر بمحمد فقلت: لا والله لا أكفر بمحمد حياً ولا ميتاً ولا حين تبعث قال: فإني إذا مت بعثت قلت: نعم قال: إذا بعثت جئني وسيكون لي ثمّ مال وولد فأعطيك وقيل: صاغ له خباب حُلياً فاقتضاه الأجر فقال: إنكم تزعمون أنكم تبعثون وأنّ في الجنة ذهباً وفضة وحريراً فأنا أقضيك ثم فإني أوتي مالاً وولداً فأعطيك حينئذٍ ثم إنه سبحانه وتعالى بيّن من حاله ضدّ ما ادعاه فقال تعالى:
﴿كلا﴾ وهي كلمة ردع وتنبيه على الخطأ أي: هو مخطئ فيما يقول ويتمناه ﴿سنكتب﴾ أي: نحفظ عليه ﴿ما يقول﴾ فنجازيه به في الآخرة وقيل: نأمر الملائكة حتى يكتبوا عليه ما يقول ﴿ونمدّ له من العذاب مدّاً﴾ أي: نزيده بذلك عذاباً فوق عذاب كفره وقيل: نطيل مدّة عذابه
﴿ونرثه﴾ بموته ﴿ما يقول﴾ أي: ما عنده من المال والولد ﴿ويأتينا﴾ يوم القيامة ﴿فرداً﴾ لا يصحبه مال ولا ولد كان له في الدنيا فضلاً أن يؤتى ثمّ زائداً قال تعالى: ﴿ولقد جئتمونا فرادى﴾ (الأنعام، ٩٤)
وقيل: فرداً رافضاً لهذا القول منفرداً عنه ولما تكلم سبحانه وتعالى في مسألة الحشر والنشر تكلم الآن في الردّ على عباد الأصنام فقال:
(٥/٢١٨)


الصفحة التالية
Icon