﴿لقد جئتم شيئاً إدّاً﴾ قال ابن عباس أي: منكراً وقال قتادة أي: عظيماً وقال ابن خالويه: الأدّ والإدّ العجب وقيل: العظيم المنكر والإدة الشدّة وأدّني الأمر وأدني أثقلني وعظم عليّ وقرأ:
(٥/٢٢٢)
﴿تكاد السموات﴾ نافع والكسائي بالياء على التذكير والباقون بالتاء على التأنيث وقرأ ﴿يتفطرن منه﴾ أبو عمرو وابن عامر وشعبة وحمزة بعد الياء بنون ساكنة وكسر الطاء مخففاً والباقون بعد الياء بتاء وفتح الطاء مشدّدة يقال انفطر الشيء وتفطر أي: تشقق وقراءة التشديد أبلغ لأنّ التفعل مطاوع فعل والانفعال مطاوع فعل ولأنّ أصل التفعل التكلف ﴿وتنشق الأرض﴾ أي: تنخسف بهم ﴿وتخرّ الجبال هدّاً﴾ أي: تسقط وتنطبق عليهم
﴿أن﴾ أي: من أجل أن ﴿دعوا للرحمن ولداً﴾ قال ابن عباس وكعب: فزعت السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين وكادت أن تزول وغضبت الملائكة واستعرت جهنم حين قالوا اتخذ الله ولداً.
فإن قيل: كيف يؤثر القول في انفطار السموات وانشقاق الأرض وخرور الجبال؟ أجيب بوجوه؛ الأوّل: أنّ الله تعالى يقول كدت أفعل هذا بالسموات والأرض والجبال عند وجود هذه الكلمة غضباً مني على من تفوّه بها لولا حلمي وإني لا أعجل بالعقوبة، الثاني: أن يكون استعظاماً للكلمة وتهويلاً وتصويراً لأثرها في الدين وهدمها لقواعده وأركانه الثالث: أنّ السموات والأرض والجبال تكاد أن تفعل كذلك لو كانت تعقل هذا القول ثم نفى الله تعالى عن نفسه الولد بقوله تعالى:
﴿وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً﴾ أي: ما يليق به اتخاذ الولد؛ لأنّ ذلك محال أما الولادة المعروفة فلا مقالة في امتناعها وأمّا التبني فإنّ الولد لا بدّ وأن يكون شبيهاً بالوالد ولا شبيه لله تعالى لأنّ اتخاذ الولد إنما يكون لأغراض إمّا من سرور أو استعانة أو ذكر جميل وكل ذلك لا يصح في حق الله تعالى
(٥/٢٢٣)