﴿الذي جعل لكم﴾ في جملة الخلق ﴿الأرض مهداً﴾ أي: فراشاً
تنبيه: هذا الموصول في محل رفع صفة لربي وخبره محذوف تقديره هو، أو منصوب على المدح. وقرأ عاصم وحمزة هنا وفي سورة الزخرف مهداً بفتح الميم وسكون الهاء أي: مهدها مهداً أو تتمهدونها فهي لهم كالمهاد وهو ما يمهد للصبيّ، وقرأ الباقون بكسر الميم وفتح الهاء وألف بعدها وهو اسم ما يمهد كالفراش أو جمع مهد ﴿وسلك﴾ أي: سهل ﴿لكم فيها سبلاً﴾ أي: طرقاً بين الجبال والأودية والبراري تسلكونها من أرض إلى أرض لتبلغوا منافعها ﴿وأنزل من السماء ماءً﴾ أي: مطراً وعدل بقوله ﴿فأخرجنا به﴾ عن لفظ الغيبة إلى صيغة التكلم على الحكاية لكلام الله تعالى تنبيهاً على ظهور ما فيه من الدلالة على كمال قدرته والحكمة وإيذاناً بأنه مطاع تنقاد الأشياء المختلفة لمشيئته وعلى هذا نظائره كقوله تعالى: ﴿ألم تر أنّ الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها﴾ (فاطر، ٢٧)
﴿أم من خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً فأنبتنا به حدائق﴾ (النحل، ٦٠)
﴿أزواجاً﴾ أي: أصنافاً سميت بذلك لأنها مزدوجة مقترنة بعضها مع بعض وقوله تعالى ﴿من نبات﴾ بيان وصفة لا زواجاً وكذلك ﴿شتى﴾ وهو جمع شتيت من شت الأمر تفرّق نحو مرضى جمع مريض وجرحى جمع جريح فألفه للتأنيث أي: أزواجاً متفرّقة ويجوز أن يكون صفة للنبات فإنه من حيث إنه مصدر في الأصل يستوي فيه الواحد والجمع أي: أنها مختلفة النفع والطعم واللون والرائحة والشكل بعضها يصلح للناس وبعضها للبهائم فلذلك قال تعالى:
(٥/٢٧٠)