﴿وما أرسلنا قبلك﴾ أي: في جميع الزمان الذي تقدّم زمانك في جميع طوائف البشر ﴿إلا رجالاً﴾ أي: لم نرسل الملائكة إلى الأولين إنما أرسلنا رجالاً ﴿نوحي إليهم﴾ مثلك ثم إنه تعالى أمر المشركين أن يسألوا أهل الكتاب بقوله تعالى: ﴿فاسألوا أهل الذكر﴾ وإنما أحالهم على هؤلاء لأنهم كانوا لا ينكرون أن الرسل كانوا بشراً، وإن أنكروا نبوّة محمد ﷺ وقيل: المراد بالذكر القرآن، أي: فاسألوا المؤمنين العالمين من أهل القرآن، وقرأ ابن كثير والكسائي بفتح السين، ولا همزة بعدها، وكذا يفعل حمزة في الوقف، والباقون بسكون السين وهمزة مفتوحة بعدها، ثم نبّه تعالى على أنهم غير محتاجين فيه إلى السؤال بما قد كان بلغهم على الإجمال من أحوال موسى وعيسى وإبراهيم وإسماعيل وغيرهم عليهم السلام بقوله تعالى معبراً بأداة الشك محركاً لهم على المعالي ﴿إن كنتم﴾ أي: بجبلاتكم ﴿لا تعلمون﴾ أي: لا أهلية لكم في اقتناص علم بل كنتم أهل تقليد محض، وتبع صرف، ولما بيّن تعالى أنه ﷺ على سنة من مضى من الرسل في كونه رجلاً بيّن أنه على سنتهم في جميع الأوصاف التي حكم بها على البشر في العيش والموت، فنبه على الأول بقوله تعالى:
﴿وما جعلناهم﴾ أي: الذين اخترنا بعثتهم إلى الناس ليأمروهم بأوامرنا ﴿جسداً﴾ أي: ذوي جسد ولحم ودم متصفين بأنهم ﴿لا يأكلون الطعام﴾ بل جعلناهم أجساداً يأكلون ويشربون، وليس ذلك بمانع من إرسالهم.
(٥/٣٣٩)


الصفحة التالية
Icon