فائدة: من أحكام داود وسليمان عليهما السلام ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «كانت امرأتان معهما ابناهما، فجاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكما إلى داود فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان، فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها، فقضى به للصغرى» أخرجاه في الصحيحين، ثم إنه تعالى ذكر لداود وسليمان بعض معجزات، فمن بعض معجزات الأوّل ما ذكره بقوله تعالى: ﴿وسخرنا مع داود الجبال﴾ مع صلابتها وعظمها ﴿يسبحن﴾ معه أي: يقدّسن الله تعالى، ولو شئنا لجعلنا الحرث والغنم تكلمه بصواب الحكم، وقال ابن عباس: كان يفهم تسبيح الحجر والشجر، وقوله تعالى: ﴿والطير﴾ عطف على الجبال أو مفعول معه، وقال: وهب كانت الجبال تجاوبه بالتسبيح، وكذا الطير، وقال قتادة: يسبحن أي: يصلين معه إذا صلى، وقيل: كان داود إذا فتر يسمعه الله تعالى تسبيح الجبال والطير لينشط في التسبيح ويشتاق إليه، وقيل: يسبحن بلسان الحال، وقيل: يسبح من رآها تسير معه بتسيير الله تعالى، فلما جبلت على التسبيح وصفت به ﴿وكنا غافلين﴾ أي: من شأننا الفعل لأمثال هذه الأفاعيل، ولكل شيء نريده، فلا تستكثروا علينا أمراً، وإن كان عندكم عجباً، وقد اتفق نحو هذا لغير واحد من هذه الأمة. كان مطرف بن عبد الله بن الشخير إذا دخل بيته سبحت معه أبنيته، وأمّا النبيّ ﷺ فكان الطعام يسبح بحضرته والحصى وغيره
(٥/٣٨٦)


الصفحة التالية
Icon