روى عمران بن حصين رضي الله عنه أن هاتين الآيتين نزلتا في غزوة بني المصطلق ليلاً، فنادى رسول الله ﷺ فحثوا المطيّ حتى كانوا حول رسول الله ﷺ فقرأهما رسول الله ﷺ عليهم فلم نرَ أكثر باكياً من تلك الليلة، فلما أصبحوا لم يحطوا السروج عن الدواب، ولم يضربوا الخيام وقت النزول ولم يطبخوا قدراً، وكانوا ما بين حزين وباك ومفكر، فقال رسول الله ﷺ أيّ يوم ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال ذلك يوم يقول الله لآدم: قم فابعث بعث النار ـ وذلك نحو حديث أبي سعيد وزاد فيه ـ ثم قال: «يدخل من أمّتي سبعون ألفاً الجنة بغير حساب» قال عمر: سبعون ألفاً؟ قال: «نعم ومع كل واحد سبعون ألفاً».
وقرأ حمزة والكسائي بفتح السين وسكون الكاف فيهما، والباقون بضم السين وفتح الكاف وبعد الكاف ألف، وأمال الألف بعد الراء أبو عمرو وحمزة والكسائي محضة، وورش بين بين، والباقون بالفتح. ونزل في النضر بن الحرث، وكان كثير الجدل لرسول الله ﷺ وكان يقول: الملائكة بنات الله، والقرآن أساطير الأولين، وكان ينكر البعث وإحياء من صار تراباً
﴿ومن الناس﴾ أي: المذبذبين ﴿من﴾ لا يسعى في إعلاء نفسه وتهذيبها، فيكذب فيؤبق بسوء عمله؛ لأنه ﴿يجادل في الله﴾ أي: في قدرته على ذلك اليوم، وفي غير ذلك بعد أن جاءه العلم بها اجتراء على سلطانه العظيم ﴿بغير علم﴾ بل بالباطل الذي هو جهل صرف فيترك اتباع الهداة ﴿ويتبع﴾ بغاية جهده في جداله ﴿كل شيطان﴾ محترق بالسوء مبعد باللعن ﴿مريد﴾ أي: متجرّد للفساد ولا شغل له غيره؛ قال البيضاوي: وأصله العري أي: عن الساتر
(٥/٤٣٤)


الصفحة التالية
Icon