﴿وما أرسلنا﴾ أي: بعظمتنا ﴿من قبلك﴾ ثم أكد الاستغراق بقوله تعالى: ﴿من رسول﴾ وهو نبيّ أمر بالتبليغ ﴿ولا نبيّ﴾ وهو من لم يؤمر بالتبليغ وهذا هو المشهور، فمعنى أرسلنا أوحينا، فالنبي أعم من الرسول، ويدل عليه ما رواه الإمام أحمد من أنه ﷺ «سئل عن الأنبياء فقال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، قيل: فكم الرسل، فقال: ثلاثمائة وثلاثة عشر جماً غفيراً».
(٥/٤٨٤)
وقيل: كما هو ظاهر الآية الرسول من جمع إلى المعجزة كتاباً منزلاً عليه، والنبيّ غير الرسول من لا كتاب له، وقيل: يمكن حمل الآية عليه أيضاً، والرسول من يأتيه الكتاب، والنبيّ يقال له ولمن يوحى إليه في المنام ﴿إلا إذا تمنّى﴾ أي: تلا على الناس ما أمره الله تعالى به أو حدّثهم به، واشتهى في نفسه أن يقبلوه حرصاً منه على إيمانهم شفقة عليهم ﴿ألقى الشيطان﴾ من التشبيه والتخييلات ﴿في أمنيته﴾ أي: فيما تلاه أو حدث به واشتهى أن يقبل ما يتلقفه منه أولياؤه فيجادلون به أهل الطاعة ليضلوهم، وإنّ الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم، ﴿وكذلك جعلنا لكل نبيّ عدوّاً شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً﴾ (الأنعام، ١١٢)


الصفحة التالية
Icon