﴿ليدخلنّهم مدخلاً يرضونه﴾ هو الجنة يكرمون فيه بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ولا ينالهم فيها مكروه، وقيل: هو خيمة في الجنة من درّة بيضاء لها سبعون ألف مصراع، وقرأ نافع بفتح الميم أي: دخولاً، أو مكان دخول، والباقون بالضم أي: إدخالاً أو مكان إدخال ﴿وإنّ الله﴾ أي: الذي عمت رحمته وتمت عظمته ﴿لعليم﴾ أي: بمقاصدهم وما عملوا مما يرضيه وغيره ﴿حليم﴾ عما قصروا فيه من طاعته وما فرّطوا في جنبه تعالى، فلا يعاجل أحداً بالعقوبة.
(٥/٤٩١)
روي أنّ طوائف من أصحاب رسول الله ﷺ قالوا: يا نبيّ الله هؤلاء الذين قتلوا قد علمنا ما أعطاهم الله تعالى من الخير ونحن نجاهد معك كما جاهدوا فما لنا إن متنا معك فأنزل الله تعالى هاتين الآيتين
(٥/٤٩٢)
﴿ذلك﴾ أي: الأمر المقرّر من صفات الله تعالى الذي قصصناه عليك ﴿ومن عاقب﴾ أي: جازى من المؤمنين ﴿بمثل ما عوقب به﴾ ظلماً من المشركين أي: قاتلهم كما قاتلوه في الشهر الحرام ﴿ثم بغي عليه﴾ أي: ظلم بإخراجه من منزله، قال مقاتل: نزلت في قوم من المشركين أتوا قوماً من المسلمين لليلتين بقيتا من محرم، فقال بعضهم لبعض: إنّ أصحاب محمد يكرهون القتال في الشهر الحرام، فاحملوا عليهم فناشدهم المسلمون وكرهوا قتالهم وسألوهم أن يكفوا عن القتال لأجل الشهر الحرام، فأبى المشركون، فقاتلوهم فذلك بغيهم عليهم، وثبت المسلمون لهم فنصرهم الله تعالى عليهم فذلك قوله تعالى: ﴿لينصرنّه الله﴾ أي: الذي لا كفء له ﴿إنّ الله﴾ أي: الذي أحاط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿لعفو﴾ عن المؤمنين ﴿غفور﴾ لهم.
فإن قيل: لم سمى ابتداءً فعلهم عقوبة مع أن العقاب من العقب وهو منتف في الابتداء؟ أجيب: بأنه أطلق عليه ذلك للتعلق الذي بينه وبين الثاني كقوله تعالى: ﴿وجزاء سيئة سيئة مثلها﴾ (الشورى، ٤٠)
﴿يخادعون الله وهو خادعهم﴾ (النساء، ١٤٢)، وكما في قوله: كما تدين تدان.