﴿ثم جعلناه﴾ أي: نسله، فحذف المضاف ﴿نطفة﴾ أي: منياً من الصلب والترائب بأنّ خلقناه منها ﴿في قرار مكين﴾ أي: مستقر حصين هو الرحم.
تنبيه: مكين في الأصل صفة للمستقر في الرحم وصف به المحل للمبالغة كما عبّر عنه بالقرار.
المرتبة الثالثة: قوله تعالى:
﴿ثم﴾ أي: بعد تراخ في الزمان، وعلوّ في المرتبة والعظمة ﴿خلقنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿النطفة﴾ أي: البيضاء جداً ﴿علقة﴾ حمراء دماً غليظاً.
(٦/١٧)
شديد الحمرة جامداً غليظاً، المرتبة الرابعة: قوله تعالى: ﴿فخلقنا﴾ أي: بما لنا من القوة والقدرة العظيمة ﴿العلقة مضغة﴾ أي: قطعة لحم قدر ما يمضغ لا شكل فيها ولا تخطيط.
المرتبة الخامسة: قوله تعالى: ﴿فخلقنا المضغة﴾ أي: بتقليبها بما شئنا لها من الحرارة والأمور اللطيفة الغامضة ﴿عظاما﴾ من رأس ورجلين وما بينهما.
المرتبة السادسة: قوله تعالى: ﴿فكسونا﴾ بما لنا من قوة الاختراع تلك ﴿العظام لحماً﴾ بما ولدنا منها ترجيعاً لحالها قبل كونها عظاماً فسترنا تلك العظام، وقويناها وشددناها بالروابط والأعصاب. وقرأ ابن عامر وأبو بكر: عظاماً، والعظام بفتح العين وإسكان الظاء من غير ألف على التوحيد اكتفاء باسم الجنس عن الجمع، والباقون بكسر العين وفتح الظاء وألف بعدها على الجمع؛ قال الجلال المحلي: وخلقنا في المواضع الثلاثة بمعنى صيرنا.
(٦/١٨)