تنبيه: قوله تعالى: مخرجون خبر إنكم الأولى، وإنكم الثانية تأكيد لها لما طال الفصل، ثم استأنفوا التصريح بما دل عليه الكلام من استبعاد ذلك فقالوا:
﴿هيهات هيهات﴾ اسم فعل ماض بمعنى مصدر أي: بعد بعد جداً، وقال ابن عباس: هي كلمة بعد أي: بعيد، ثم كأنه قيل: لأي شيء هذا الاستبعاد؟ فقيل: ﴿لما توعدون﴾ من الإخراج من القبور فإن قيل: ما توعدون هو المستبعد ومن حقه أنّ يرفع بهيهات كما ارتفع به في قوله:
*فهيهات هيهات العقيق وأهله
فما هذه اللام؟ أجيب: بأنّ الزجاج قال في تفسيره: البعد لما توعدون فنزل منزلة المصدر، ويصح أنّ تكون اللام لبيان المستبعد ما هو بعد التصويت بكلمة الاستبعاد كما جاءت اللام في هيت لك لبيان المهيت به أو أنّ اللام زائدة للبيان.
فائدة: وقف البزي والكسائي على هيهات الأولى والثانية بالهاء، والباقون بالتاء على المرسوم.
(٦/٣٢)
وقولهم: ﴿إن هي﴾ ضمير لا يعلم ما يعنى به إلا بما يتلوه من بيانه، وأصله إن الحياة ﴿إلا حياتنا الدنيا﴾ ثم وضع هي موضع الحياة؛ لأنّ الخبر يدل عليها ويبينها، ومنه هي النفس تتحمل ما حملت، والمعنى: لا حياة إلا هذه الحياة؛ لأنّ إن النافية دخلت على هي التي بمعنى الحياة الدالة على الجنس فنفتها، فوازنت لا التي نفت ما بعدها نفي الجنس ﴿نموت ونحيى﴾ أي: يموت منا من هو موجود وينشأ آخرون بعدهم، وقيل: يموت قوم ويحيا قوم، وقيل: تموت الآباء وتحيا الأبناء، وقيل: في الآية تقديم وتأخير أي: نحيا ونموت لأنهم كانوا ينكرون البعث بعد الموت كما قالوا: ﴿وما نحن بمبعوثين﴾ بعد الموت فكأنه قيل: فما هذا الكلام الذي يقوله؟ فقيل: كذب ثم حصروا أمره في الكذب فقالوا:
﴿إن﴾ أي: ما ﴿هو إلا رجل افترى﴾ أي: تعمد ﴿على الله﴾ أي: الملك الأعلى ﴿كذباً﴾ فلا يلتفت إليه ﴿وما نحن له بمؤمنين﴾ أي: بمصدقين فيما يخبرنا به من البعث والرسالة، فكأنه قيل: فما قال؟ فقيل: