﴿أم لم يعرفوا رسولهم﴾ أي: الذي أتاهم بهذا القول الذي لا قول مثله، وهم يعرفون نسبه وصدقه وأمانته، وما جاءهم به من معالي الأخلاق حتى أنهم لا يجدون فيه إذا تحققت الحقائق نقيصة يذكرونها ولا وصمة يستحلونها كما دلت عليه الأحاديث الصحاح منها حديث أبي سفيان بن حرب الذي في أول البخاري في سؤال هرقل ملك الروم له عن شأنه ﷺ وقد اتفقت كلمتهم بتسميته الأمين ﴿فهم﴾ أي: فتسبب عن جهلهم به أنهم ﴿له﴾ أي: نفسه أو القول الذي أتى به ﴿منكرون﴾ فيكونوا ممن جهل الحق لجهل حال الآتي به، وفي هذا غاية التوبيخ لهم بجهلهم وبغباوتهم بأنهم يعرفون أنه أصدق الخلق وأعلاهم في كل معنى جميل، ثم كذبوه.
رابعها: أنّ يعتقدوا فيه الجنون فيقولوا إنما حمله على ادعائه الرسالة جنونه، وهو المراد من قوله تعالى:
﴿أم يقولون﴾ أي: بعد تدبر ما أتى به وعدم عثورهم فيه على وجه من وجوه الطعن ﴿به﴾ أي: رسولهم ﴿جنة﴾ أي: جنون فلا يوثق به.
(٦/٤٨)


الصفحة التالية
Icon