﴿قال﴾ لهم بلسان ملك بعد قدر الدنيا مرتين كما يقال للكلب ﴿اخسؤوا﴾ أي: انزجروا زجر الكلاب وانطردوا عن مخاطبتي ساكتين سكوت هوان ﴿فيها﴾ أي: النار ﴿ولا تكلمون﴾ أصلاً، فإنكم لستم بأهل لمخاطبتي لأنكم لن تزالوا متصفين بالظلم فييأس القوم بعد ذلك، ولا يتكلموا بكلمة إلا الزفير والشهيق والعواء كعواء الكلاب، وقال القرطبي: إذا قيل لهم ذلك انقطع رجاؤهم، وأقبل بعضهم ينبح في وجه بعض فانطبقت عليهم، وعن ابن عباس أنّ لهم ست دعوات إذا دخلوا النار قالوا ألف سنة: ربنا أبصرنا وسمعنا، فيجابون: حق القول مني، فينادون ألفاً: ربنا أمتنا اثنتين، فيجابون: ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم، فينادون ألفاً: يا مالك ليقض علينا ربك، فيجابون: إنكم ماكثون، فينادون ألفاً: ربنا أخرجنا منها، فيجابون: أولم تكونوا أقسمتم، فينادون ألفاً: أخرجنا نعمل صالحاً، فيجابون: أولم نعمركم، فينادون ألفاً: رب ارجعون، فيجابون: اخسؤوا فيها ولا تكلمون، ثم لا يكون لهم إلا الزفير والشهيق والعواء، ثم علل ذلك بقوله تعالى:
﴿إنه كان﴾ أي: كوناً ثابتاً ﴿فريق﴾ أي: ناس قد استضعفتموهم﴿من عبادي﴾ وهم المؤمنون ﴿يقولون﴾ مع الاستمرار ﴿ربنا﴾ أي: أيها المحسن إلينا بالخلق والرزق ﴿آمنا﴾ أي: أوقعنا الإيمان بجميع ما جاءتنا به الرسل ﴿فاغفر لنا﴾ أي: استر لنا زللنا ﴿وارحمنا﴾ أي: افعل بنا فعل الراحم ﴿وأنت خير الراحمين﴾ لأنك تخلص برحمتك من كل شقاء وهوان.
(٦/٦٥)


الصفحة التالية
Icon