﴿والذين يرمون﴾ أي: بالزنا ﴿المحصنات﴾ جمع محصنة وهي هنا المسلمة الحرة المكلفة العفيفة وهذا هو الحكم الثالث والذي يدل على أن المراد الرمي بالزنا أمور: أحدها: تقدم ذكر الزنا، ثانيها: أنه تعالى ذكر المحصنات وهن العفائف فدل ذلك على أن المراد بالرمي رميها بضد ذلك، ثالثها: انعقاد الإجماع على أنه لا يجب الجلد بالرمي بغير الزنا فوجب أن يكون المراد هو الرمي بالزنا، رابعها: قوله تعالى: ﴿ثم لم يأتوا﴾ أي: إلى الحكام ﴿بأربعة شهداء﴾ أي: ذكور ومعلوم أن هذا العدد من الشهود غير شرط إلا في الزنا وشرط القاذف الذي يحد بسبب القذف التكليف والاختيار والتزام الأحكام والعلم بالتحريم وعدم إذن المقذوف، وأن يكون غير أصل، وألفاظ القذف تنقسم إلى صريح وكناية وتعريض فمن الصريح قوله لرجل أو امرأة زنيت أو زنيت، أو يا زاني أو يا زانية، ولو كسر التاء في خطاب الرجل وفتحها في خطاب المرأة أو زنيت في الجبل، ومن الكناية زنأت وزنأت في الجبل بالهمز، فإن نوى بذلك القذف كان قذفاً وإلا فلا، ومن التعريض يا ابن الحلال، وأما أنا فلست بزانٍ، فهذا ليس بقذف وإن نواه.
(٦/٧٩)


الصفحة التالية
Icon