﴿يعظكم الله﴾ أي: يرقق قلوبكم الذي له الكمال كله، فيمهل بحلمه ولا يهمل بحكمته ﴿أن﴾ أي: كراهة أن ﴿تعودوا لمثله أبداً﴾ أي: ما دمتم أحياء مكلفين، ثم عظم هذا الوعظ بقوله تعالى: ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ أي: متصفين بالإيمان راسخين فيه، فإنكم لا تعودون، فإن الإيمان يمنع عنه، وهذا تهييج وتقريع لا أنه يخرج عن الإيمان كما تقول المعتزلة.
فإن قيل: هل يجوز أن يسمى الله واعظاً كقوله تعالى: ﴿يعظكم الله﴾؟ أجيب: بأنه لا يجوز كما قاله الرازي، قال: كما لا يجوز أن يسمى الله معلماً كقوله تعالى: ﴿الرحمن علم القرآن﴾ (الرحمن، ١)
؛ لأن أسماء الله تعالى توقيفية.
﴿ويبين الله﴾ أي: بما له من صفات الكمال والإكرام ﴿لكم الآيات﴾ أي: الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب كي تتعظوا وتتأدبوا ﴿والله﴾ أي: المحيط بجميع الكمال ﴿عليم﴾ أي: بما يأمر به وينهى عنه ﴿حكيم﴾ لا يضع شيئاً إلا في أحكم مواضعه وإن دق عليكم فهم ذلك فلا تتوقفوا في أمر من أوامره، ولماكان من أعظم الوعظ بيان ما يستحق على الذنب من العقاب بينه بقوله تعالى:
(٦/١٠١)


الصفحة التالية
Icon