(٦/١٢٤)
ولما نهى عما سيفضي إلى السفاح المخل بالنسب المقتضي للألفة وحسن التربية ومزيد الشفقة المؤدية إلى بقاء النوع بعد الزجر عنه مبالغة فيه عقبه بالحكم الثامن وهو الأمر بالنكاح المذكور في قوله تعالى:
﴿وأنكحوا الأيامى منكم﴾ جمع أيم والأيامى واليتامى أصلهما أيايم ويتايم فقلبا، والأيم هي من ليس لها زوج بكراً كانت أو ثيباً، ومن ليس له امرأة فيشمل ذلك الذكر والأنثى قال الشاعر:
*فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي
... وإن كنت أفتى منكم أتأيم
(٦/١٢٥)
أي: أقرب إلى الشباب منك وأتأيم بالرفع على قلة جواب إن تتأيمي، وما بينهما جملة معترضة، والمعنى أوافقك في حالتي التزوج والتأيم، وإن كنت أقرب إلى الشباب منك، وعنه ﷺ «اللهم إنا نعوذ بك من العيمة والغيمة، والأيمة والقزم والقرم العيمة: شهوة اللبن، والغيمة: العطش، والأيمة: شهوة النكاح مع الخلو من الزوجية، والقزم: البخل، والقرم: شهوة اللحم، وهذا في الأحرار والحرائر، وأما غيرهم فهو قوله تعالى: ﴿والصالحين﴾ أي: المؤمنين﴿من عبادكم﴾ وهو من جموع عبد، ﴿وإمائكم﴾ والخطاب للأولياء والسادة، وهذا الأمر أمر ندب، فيستحب لمن تاقت نفسه للنكاح ووجد أهبته أن يتزوج ومن لم يجد أهبته استحب له أن يكسر شهوته بالصوم لما ورد أنه ﷺ قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» أي: قاطع لشهوته لأن الوجاء بكسر الواو نوع من الخصاء وهو أن ترض عروق الأنثيين وتترك الخصيتان كما هما، فشبه الصوم في قطعه شهوة النكاح بالوجاء الذي يقطع النسل، والباءة بالمد مؤن النكاح، وهي المهر وكسوة فصل التمكين ونفقة يومه.
(٦/١٢٦)


الصفحة التالية
Icon