ثانيها: أنه يعود على من ادعى لله شريكاً وولداً لدلالة قوله تعالى: ﴿ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك﴾.
ثالثها: أنه يعود على المنذرين لدلالة نذيراً عليهم، ولما وصف نفسه سبحانه وتعالى بصفات الجلال والعزة والعلو أردفه بتزييف مذهب من يعبد غيره من وجوه منها: أنها ليست خالقة للأشياء بقوله تعالى: ﴿لا يخلقون شيئاً﴾ والإله يجب أن يكون قادراً على الخلق والإيجاد، ومنها: أنها مخلوقة بقوله تعالى: ﴿وهم يخلقون﴾ والمخلوق محتاج والإله يجب أن يكون غنياً، وغلب العقلاء على غيرهم؛ لأن الكفار كانوا يعبدون العقلاء كعزير والمسيح والملائكة، وغيرهم كالكواكب والأصنام التي ينحتونها ويصورونها، ومنها: أنها لا تملك لأنفسها ضراً ولا نفعاً بقوله تعالى: ﴿ولا يملكون﴾ أي: لا يستطيعون ﴿لأنفسهم ضراً﴾ أي: دفعه ﴿ولا نفعاً﴾ أي: جلبه ومن كان كذلك، فليس بإله، ومنها: أنها لا تقدر على موت ولا حياة ولا نشور بقوله تعالى: ﴿ولا يملكون موتاً ولا حياة﴾ أي: إماتة لأحد وإحياء لأحد ﴿ولا نشوراً﴾ أي: بعثاً للأموات، فيجب أن يكون المعبود قادراً على إيصال الثواب إلى المطيعين، والعقاب إلى العصاة، فمن لا يكون كذلك يجب أن لا يصلح للإلهية.
تنبيه: احتج أهل السنة بقوله تعالى: ﴿لايخلقون شيئاً﴾ على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى؛ لأنه تعالى عاب هؤلاء الكفار من حيث عبدوا ما لا يخلق شيئاً، وذلك يدل على أن من خلق يستحق أن يعبد، فلو كان العبد خالقاً لكان معبوداً إلهاً، ولما تكلم تعالى أولاً على التوحيد، وثانياً في الرد على عبدة غيره تكلم، ثالثاً في مسألة النبوة، وحكى شبه الكفار في إنكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
الشبهة الأولى: قوله تعالى:
(٦/١٩٢)


الصفحة التالية
Icon