قال الضحاك: لما بصق عقبة في وجه النبي ﷺ عاد بصاقه في وجهه فاحترق خداه، فكان أثر ذلك فيه حتى مات، وقال الشعبي: كان عقبة خليل أمية، فأسلم عقبة فقال أمية: وجهي من وجهك حرام إن بايعت محمداً، فكفر وارتد، فأنزل الله تعالى: ﴿ويوم يعض الظالم﴾ أي: عقبة ﴿على يديه﴾ قال الضحاك: يأكل يديه إلى المرفق، ثم تنبت ولا يزال هكذا كلما أكلها نبتت، وقال المحققون: هذه اللفظة للتحسر والغم يقال: عض أنامله وعض على يديه وهو لا يشعر حال كونه مع هذا الفعل ﴿يقول﴾: أي: يجدد في كل لحظة قوله: ﴿يا ليتني اتخذت﴾ أي: أرغمت نفسي وكلفتها أن آخذ في الدنيا ﴿مع الرسول﴾ أي: محمد ﷺ ﴿سبيلاً﴾ أي: طريقاً إلى الهدى، ولما تأسف على مجانبة الرسول ندم على مصادقة غيره بقوله:
﴿يا ويلتي﴾ أي: يا هلاكي الذي ليس لي منادم غيره؛ لأنه ليس يحضرني سواه ﴿ليتني لم أتخذ فلاناً﴾ أي: أبياً ﴿خليلاً﴾ أي: صديقاً أوافقه في أعماله لما علمت من سوء عاقبتها، فكنى عن اسمه وإن أريد به الجنس، فكل من اتخذ من المضلين خليلاً كان لخليله اسم علم عليه لا محالة فجعله كناية عنه، وقرأ أبو عمرو بفتح الياء، والباقون بالسكون، وأظهر الدال عند التاء ابن كثير وحفص، وأدغمها الباقون ثم استأنف قوله: الذي يتوقع كل سامع أن يقوله:
﴿لقد﴾ أي: والله لقد ﴿أضلني عن الذكر﴾ أي: عمى علي طريق القرآن الذي لا ذكر في الحقيقة غيره وصرفني عنه، والجملة في موضع العلة لما قبلها ﴿بعد إذ جاءني﴾ ولم يكن لي منه مانع يردني عن الإيمان به، وقرأ نافع وابن ذكوان وعاصم بإظهار الذال، والباقون بالإدغام وقوله تعالى: ﴿وكان الشيطان﴾ إشارة إلى خليله سماه شيطاناً؛ لأنه أضله كما يضل الشيطان، أو إلى كل من كان سبباً للضلال من عتاة الجن والإنس ﴿للإنسان خذولاً﴾ أي:
(٦/٢١٨)