شديد الخذلان يورده ثم يسلمه إلى أكره ما يكون لا ينصره ولو أراد ما استطاع بل هو في شر من ذلك؛ لأن عليه إثمه في نفسه، ومثل إثم من أضله.
تنبيه: حكم هذه الآية عام في كل خليلين ومتحابين اجتمعا على معصية الله تعالى قال ﷺ «مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحاً خبيثة» وقال ﷺ «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» وقال ﷺ «لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي»، ولما ذكر تعالى أقوال الكفار ذكر قول رسوله محمد ﷺ بقوله تعالى:
(٦/٢١٩)
﴿وقال الرسول يا رب﴾ أي: أيها المحسن إليّ بأنواع الإحسان وعبر بأداة البعد هضماً لنفسه، ومبالغة في التضرع ﴿إن قومي﴾ أي: قريشاً الذين لهم قوة ومنعة ﴿اتخذوا هذا القرآن﴾ أي: المقتضي للإجماع عليه والمبادرة إليه ﴿مهجوراً﴾ أي: متروكاً بعيداً لم يؤمنوا به ولم يقبلوه، وأعرضوا عن استماعه.
تنبيه: أشار بصيغة الافتعال إلى أنهم عالجوا أنفسهم في تركه علاجاً كثيراً لما يرون من حسن نظمه ويذوقون من لذيذ معانيه ورائق أساليبه، ولطيف عجائبه وبديع غرائبه، وأكثر المفسرين على أن هذا القول وقع من النبي ﷺ وقال أبو مسلم: بل المراد أنه يقوله في الآخرة كقوله تعالى: ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد﴾ (النساء، ٤١)
الآية، والأول أولى؛ لأن قوله تعالى: