﴿وكذلك﴾ أي: كما جعلنا لك عدواً من مشركي قومك ﴿جعلنا لكل نبي﴾ من الأنبياء قبلك رفعة لدرجاتهم ﴿عدواً من المجرمين﴾ أي: من المشركين تسليةً له ﷺ كأنه تعالى يقول له: فاصبر كما صبروا، ولا يكون ذلك إلا إذا وقع القول منه ﴿وكفى بربك﴾ أي: المحسن إليك ﴿هادياً﴾ أي: يهدي بك من قضى بسعادته ﴿ونصيراً﴾ أي: ينصرك على من حكم بشقاوته.
تنبيه: احتج أهل السنة بهذه الآية على أنه تعالى خلق الخير والشر؛ لأن قوله تعالى: ﴿لكل نبي عدواً﴾ يدل على أن تلك العداوة من جعل الله تعالى وتلك العداوة كفر، فإن قيل: قوله تعالى: ﴿يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً﴾ كقول نوح عليه السلام :﴿رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً فلم يزدهم دعائي إلا فراراً﴾ (نوح: ٥، ٦)
فكما أن المقصود من هذا إنزال العذاب، فكذلك ما هنا فكيف يليق هذا بمن وصفه الله تعالى بالرحمة في قوله تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ (الأنبياء، ١٠٧)
(٦/٢٢٠)
؟ أجيب: بأن نوحاً عليه السلام لما ذكر ذلك دعا عليهم، وأما النبي ﷺ لما ذكر هذا لم يدع عليهم، بل انتظر فلما قال تعالى: ﴿وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً﴾ كان ذلك كالأمر له بالصبر على ذلك وترك الدعاء عليهم فافترقا.
الشبهة الخامسة: لمنكري النبوة ما حكاه الله تعالى عنهم بقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon