واختلف في نبيهم، فقيل: شعيب وقيل غيره، كانوا قعوداً حولها فانهارت بهم وبمنازلهم فهلكوا جميعاً، وقال الكلبي: الرس بئر بفلج اليمامة قتلوا نبيهم فأهلكهم الله تعالى وفلج بفتح الفاء واللام والجيم قرية عظيمة بناحية اليمن من مساكن عاد وبسكون اللام وادٍ قريب من البصرة، وقيل: الرس الأخدود، وقيل: بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيباً النجار، وقيل: أصحاب حنظلة بن صفوان كانوا مبتلين بالعنقاء وهي أعظم ما يكون من الطير سميت بذلك لطول عنقها، وكانت تسكن جبلهم الذي يقال له: تخ، قيل: هو بتاء فوقية، فخاء معجمة أو مهملة، وبياء تحتية وجيم وهي تنقض على صبيانهم فتخطفهم إن أعوزها الصيد فدعا عليها حنظلة فأصابتها الصاعقة، ثم إنهم قتلوا حنظلة فأهلكوا.
﴿وقروناً﴾ أي: ودمرنا قروناً ﴿بين ذلك﴾ أي: الأمر العظيم المذكور وهو بين كل أمتين من هذه الأمم وقد يذكر الذاكر أشياء مختلفة، ثم يشير إليها بذلك ويحسب الحاسب أعداداً متكاثرة ثم يقول: فذلك كيت وكيت على معنى فذلك المحسوب أو المعدود، ثم قال الله تعالى: ﴿كثيراً﴾ وناهيك بما يقول فيه سبحانه وتعالى أنه كثير وأسند البغوي في تفسير أمة وسطاً في البقرة عن أبي سعيد الخدري قال: «قام فينا رسول الله ﷺ يوماً بعد صلاة العصر فما ترك شيئاً إلى يوم القيامة إلا ذكره في مقامه ذلك حتى إذا كانت الشمس على رؤوس النخل وأطراف الحيطان قال: إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى إلا كما بقي من يومكم هذا ألا وإن هذه الأمة توفي سبعين أمة هي آخرها وأكرمها على الله عز وجل»، ثم إنه تعالى قال تسلية لنبيه محمد ﷺ وتأسية وبياناً لشريعته بالعفو عن أمته:
﴿وكلاً﴾ أي: من هذه الأمم ﴿ضربنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿له الأمثال﴾ حتى وضح له السبيل وقام من غير شبهة الدليل ﴿وكلاً تبرنا تتبيراً﴾ أي: أهلكنا إهلاكاً، وقال الأخفش: كسرنا تكسيراً، وقال الزجاج: كل شيء كسرته وفتته فقد تبرته.


الصفحة التالية
Icon