﴿قل﴾ أي: لهم يا أكرم الخلق حقيقة وأعدلهم طريقة محتجاً عليهم بإزالة ما يكون موضعاً للتهمة ﴿ما أسألكم عليه﴾ أي: على تبليغ ما أرسلت به ﴿من أجر﴾ فتتهموني أني أدعوكم لأجله إذ لا غرض لي إلا نفعكم، ثم أكد هذا المعنى بقوله تعالى مستثنياً؛ لأن الاستثناء معيار العموم ﴿إلا من﴾ أي: إلا أجر من ﴿شاء أن يتخذ﴾ أي: يكلف نفسه ويخالف هواه، ويجعل له ﴿إلى ربه سبيلاً﴾ فإنه إذا اهتدى بهداية ربه كان لي مثل أجره لا نفع لي من جهتكم إلا هذا فإن سميتم هذا أجراً فهو مطلوبي، ولا مرية في أنه لاينقص أحداً شيئاً من دنياه فأفاد فائدتين؛ الأولى: أنه لا طمع له أصلاً في شيء ينقصهم، والثانية: إظهار الشفقة البالغة حيث لم يقصد بمنفعتهم الموصلة لهم إلى ربهم ثواباً لنفسه، وقيل: الاستثناء منقطع أي: لكن من يشاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً فليفعل، وجرى على هذا الجلال المحلي، وقال ابن عادل: في الأول نظر؛ لأنه لم يسند السؤال المنفي في الظاهر إلى الله تعالى إنما أسنده إلى المخاطبين فكيف يصح هذا التقدير؟ انتهى. وقرأ قالون والبزي وأبو عمرو بإسقاط الهمزة الأولى مع المد والقصر وسهّل ورش وقنبل الثانية، ولهما أيضاً إبدالها ألفاً والباقون بتحقيق الهمزتين، ولما بين تعالى أن الكفار يتظاهرون على إيذائه وأمره أن لا يطلب منهم أجراً أمره أن يتوكل عليه في دفع جميع المضار، وجلب جميع المنافع بقوله تعالى:
(٦/٢٤٢)