﴿قال﴾ فرعون ﴿لمن حوله﴾ من أشراف قومه، قال ابن عباس: وكانوا خمسمائة رجل عليهم الأسورة وكانت للملوك خاصة ﴿ألا تستمعون﴾ جوابه الذي لم يطابق السؤال، سألته عن حقيقته وهو يجيبني بالفاعلية، ولما كان يمكن أن يعتقد أن السموات والأرضين واجبة لذاتها فهي غنية عن الخالق.
﴿قال﴾ لهم موسى زيادة في البيان ﴿ربكم ورب آبائكم الأولين﴾ فعدل عن التعريف بخالقية السموات والأرض إلى التعريف بكونه تعالى خالقاً لهم ولآبائهم، إذ لا يمكن أن يعتقد في نفسه وفي آبائه وأجداده كونهم واجبين لذواتهم لأنّ المشاهدة دلت على أنهم وجدوا بعد العدم وعدموا بعد الوجود، وما كان كذلك استحال أن يكون واجباً لذاته واستحال وجوده إلا بالمؤثر فكان التعريف بهذا الأثر أظهر ولكن فرعون لم يكتف بذلك ولهذا.
﴿قال إنّ رسولكم﴾ على طريق التهكم إشارة إلى أنّ الرسول ينبغي أن يكون أعقل الناس ثم زاد الأمر بقوله: ﴿الذي أرسل إليكم﴾ أي: وأنتم أعقل الناس ﴿لمجنون﴾ لا يفهم السؤال فضلاً عن أن يجيب عنه، فكيف يصلح للرسالة من الملوك؟ فلما قال ذلك عدل موسى ج إلى طريق ثالث أوضح من الثاني بأن.
﴿قال رب المشرق والمغرب﴾ أي: الشروق والغروب ووقتهما وموضعهما ﴿وما بينهما﴾ من المخلوقات لأنّ التدبير المستمرّ على هذا الوجه العجيب لا يتمّ إلا بتدبير مدبر قادر، وهذا بعينه طريقة إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع نمروذ، فإنه استدل أولاً بالإحياء والإماتة وهو الذي ذكر موسى عليه الصلاة السلام بقوله: ﴿ربكم ورب آبائكم الأولين﴾ فأجابه نمروذ ﴿أنا أحي وأميت﴾ (البقرة: ٢٢٨)
فقال ﴿إنّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر﴾ (البقرة: ٢٥٨)
(٧/١٥)


الصفحة التالية
Icon