﴿فجمع السحرة﴾ إشارة إلى عظمة ملكه، أي: بأيسر أمر لما له عندهم من العظمة ﴿لميقات يوم معلوم﴾ أي: في زمانه ومكانه وهو ضحى يوم الزينة كما مرّ في طه، وعن ابن عباس: وافق يوم السبت من أول يوم من سنتهم وهو يوم النيروز.
﴿وقيل﴾ أي: يقول من يقبل لكونه عن فرعون ﴿للناس﴾ أي: عامّة وقوله ﴿هل أنتم مجتمعون﴾ فيه استبطاء لهم في الاجتماع، والمراد منه استعجالهم واستحثاثهم كما يقول الرجل لغلامه هل أنت منطلق إذا أراد أن يحرك منه ويحثه على الانطلاق، كأنما يخيل له أنّ الناس قد انطلقوا وهو واقف، ومنه قول تأبط شراً، اسم شاعر:
*هل أنت باعث دينار لحاجتنا | أو عبد رب أخا عون بن مخراق* |
(٧/١٩)
﴿لعلنا نتبع السحرة﴾ أي: في دينهم ﴿إن كانوا هم الغالبين﴾ أي: لموسى في دينه ولا نتبع موسى في دينه، وليس غرضهم اتباع السحرة وإنما الغرض الكلي أن لا يتبعوا موسى فساقوا الكلام مساق الكناية لأنهم إذا اتبعوهم لم يكونوا متبعين لموسى، وقيل: أرادوا بالسحرة موسى وهارون وقالوا ذلك على طريق الاستهزاء وعبر بالفاء في قوله:
﴿فلما جاء السحرة﴾ أي: الذين كانوا في جميع بلاد مصر إيذاناً بسرعة حشرهم لضخامة ملكه ووفور عظمته ﴿قالوا لفرعون﴾ مشترطين الأجر في حال الحاجة إلى الفعل ليكون ذلك أجدر بحسن الوعد ومجاز القصد ﴿آئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين﴾ موسى، وأتوا بأداة الشك مع جزمهم بالغلبة تخويفاً له بأنه إن لم يحسن في وعدهم لم ينصحوا له.