﴿قال﴾ مجيباً إلى ما سألوا ﴿نعم﴾ لكم ذلك، وقرأ الكسائي بكسر العين، والباقون بالفتح وزادهم بما لا أحسن منه عند أهل الدنيا مؤكداً بقوله ﴿وإنكم إذاً﴾ أي: إذا غلبتم ﴿لمن المقربين﴾ أي: عندي، وزاد إذاً هنا زيادة في التأكيد، ولما قال لهم فرعون ذلك قالوا لموسى ﴿إمّا أن تلقي وإمّا أن نكون نحن الملقين﴾ (الأعراف، ١١٥).
﴿قال لهم موسى﴾ أي: مريداً لإبطال سحرهم لأنه لا يتمكن منه إلا بإلقاءهم ﴿ألقوا ما أنتم ملقون﴾ فإن قيل: كيف أمرهم بفعل السحر؟ أجيب: بأنه لم يرد بذلك أمرهم بالسحر والتمويه بل الأذن بتقديم ما هم فاعلوه لا محالة توسلاً به إلى إظهار الحق.
(٧/٢١)
﴿فألقوا﴾ أي: فتسبب عن قول موسى ج وتعقبه أن ألقوا ﴿حبالهم وعصيهم﴾ أي: التي أعدّوها للسحر ﴿وقالوا﴾ مقسمين ﴿بعزة فرعون﴾ وهي من أيمان الجاهلية، وهكذا كل حلف بغير الله، ولا يصح في الإسلام إلا الحلف بالله تعالى أو باسم من أسمائه أو صفة من صفاته كقولك والله والرحمن ورب العرش وعزة الله وقدرة الله وجلال الله وعظمة الله، قال رسول الله ﷺ «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالطواغيت ولا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون» ولقد استحدث الناس في هذا الباب في إسلامهم جاهلية نسبت لها الجاهلية الأولى، وذلك أن الواحد منهم لو أقسم بأسماء الله كلها وصفاته على شيء لم يقبل منه ولم يعتد بها حتى يقسم برأس سلطانه، فإذا أقسم به فتلك عندهم جهد اليمين التي ليس وراءها حلف لحالف، ثم إنهم أكدوا يمينهم بأنواع من التوكيد بقولهم: ﴿إنا لنحن﴾ أي: خاصة لا نستثني ﴿الغالبون﴾ وذلك لفرط اعتقادهم في أنفسهم، أو لإتيانهم بأقصى ما يمكن أن يؤتى به من السحر.