﴿كذلك﴾ أي: أخرجنا كما وصفنا ﴿وأورثناها﴾ أي: تلك النعم السنية بمجرّد خروجهم بالقوّة وبعد إغراق فرعون وجنوده بالفعل ﴿بني إسرائيل﴾ أي: جعلناهم بحيث يرثونها لأنا لم نبق لهم مانعاً يمنعهم منها بعد أن كانوا مستعبدين بين أيدي أربابها، واستشكل إرثهم لها بالفعل لقوله تعالى في الدخان ﴿قوماً آخرين﴾ (الدخان، ٢٨)
وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى في ذلك المحل. بل قيل: إنّ بني إسرائيل لم يرجعوا إلى مصر بعد ذلك ولما وصف تعالى الإخراج وصف أثره بقوله تعالى: مرتباً عليه بالفعل وعلى الإيراث بالقوّة.
﴿فأتبعوهم﴾ أي: جعلوا أنفسهم تابعة لهم ﴿مشرقين﴾ أي: داخلين في وقت شروق الشمس بطلوعها صبيحة الليلة التي سار فيها بنو إسرائيل، ولولا تقدير العزيز العليم بخرق ذلك للعادة لم يكن ذلك على حكم العادة في أقل من عشرة أيام فإنه تعجز الملوك عن مثله، واستمرّوا إلى أن لحقوهم عند بحر القلزم.
(٧/٢٨)
﴿فلما تراءى الجمعان﴾ أي: رأى كل منهما الآخر ﴿قال أصحاب موسى﴾ ضعفاً وعجزاً استصحاباً لما كانوا فيه عندهم من الذل، ولأنهم أقل منهم بكثير بحيث يقال إن طليعة آل فرعون كانت على عدد بني إسرائيل وذلك محقق لتقليل فرعون لهم، وكأنه عبر عنهم بأصحاب دون بني إسرائيل؛ لأنه كان قد آمن كثير من غيرهم ﴿إنا لمدركون﴾ أي: يدركنا فرعون وقومه وقد صرنا بين سدّين العدّو وراءنا والبحر أمامنا ولا طاقة لنا بذلك.
(٧/٢٩)
﴿قال﴾ أي: موسى عليه السلام وثوقاً بوعد الله تعالى ﴿كلا﴾ أي: لا يدركونكم أصلاً، ثم علل ذلك تسكيناً لهم بقوله ﴿إن معي ربي﴾ أي: بنصره فكأنهم قالوا وما عساه يفعل وقد وصلونا قال ﴿سيهدين﴾ أي: يدلني على طريق النجاة، روي: أن مؤمن آل فرعون كان بين يدي موسى عليه السلام فقال أين تذهب فهذا البحر أمامك وقد غشيك آل فرعون قال: أمرت بالبحر ولعلي أؤمر بما أصنع.