﴿قال وما﴾ أي: أي شيء ﴿علمي بما كانوا يعملون﴾ قبل أن يتبعوني أي: مالي وللبحث عن سرائرهم، وإنما قال هذا لأنهم قد طعنوا مع استرذالهم في إيمانهم وأنهم لم يؤمنوا عن نظر وبصيرة وإنما آمنوا هوى وبديهة كما حكى الله عنهم في قوله: ﴿الذين هم أراذلنا بادي الرأي﴾ (هود: ٢٧)
ثم أكد أنه لا يبحث عن بواطنهم بقوله:
(٧/٤٨)
﴿إن﴾ أي: ما ﴿حسابهم﴾ أي: في الماضي والآتي ﴿إلا على ربي﴾ أي: المحسن إليّ فهو محاسبهم ومجازيهم، وأمّا أنا فلست بمحاسب ولا مجاز ﴿لو تشعرون﴾ أي: لو كان لكم نوع شعور لعلمتم ذلك فلم تقولوا ما قلتم ما هو دائر على أمور الدنيا فقط ولا نظر له إلى يوم الحساب، فإنّ الغنى غنى الدين والنسب نسب التقوى، ولما أوهم قولهم: هذا استدعاء طرد هؤلاء الذين آمنوا معه وتوقيف إيمانهم عليه حيث جعلوا أتباعهم المانع عنه أجابهم بقوله عليه السلام.
﴿وما﴾ أي: ولست ﴿أنا بطارد المؤمنين﴾ أي: الذين صار الإيمان لهم وصفاً راسخاً فلم يرتدوا عنه للطمع في إيمانكم ولا لغيره من أتباع شهواتكم، ثم علل ذلك بقوله:
﴿إن أنا إلا نذير﴾ أي: محذر لا وكيل فاتش على البواطن ولامتنعت عن الاتباع ﴿مبين﴾ أوضح ما أرسلت به فلا أدع فيه لبساً، وقرأ قالون بمدّ أنا في الوصل بخلاف عنه، والباقون بالقصر، ولما أجابهم بهذا الجواب وقد أيسوا مما راموه لم يكن منهم إلا التهديد بأن.
﴿قالوا لئن لم تنته﴾ ثم سموه باسمه جفاء وقلة أدب بقولهم: ﴿يا نوح﴾ عما تقوله ﴿لتكونن من المرجومين﴾ قال مقاتل والكلبي: من المقتولين بالحجارة، وقال الضحاك: من المشتومين فعند ذلك حصل اليأس لنوح عليه السلام من فلاحهم فلذلك.