﴿أمدّكم بأنعام﴾ تعينكم على الأعمال وتأكلون منها وتبيعون ﴿وبنين﴾.
يعينونكم على ما تريدون عند العجز.
﴿وجنات﴾ أي: بساتين ملتفة الأشجار بحيث تستر داخلها ﴿وعيون﴾ أي: أنهار تشربون منها وتسقون أنعامكم وبساتينكم ثم خوّفهم بقوله:
﴿إني أخاف عليكم﴾ قال ابن عباس: إن عصيتموني أي: فإنكم قومي يسوءني ما يسوءكم ﴿عذاب يوم عظيم﴾ في الدنيا والآخرة فإنه كما قدر على الإنعام فهو قادر على الانتقام وتعظيم اليوم أبلغ من تعظيم العذاب، ولما بالغ عليه السلام في وعظهم وتنبيههم على نعم الله تعالى حيث أجملها ثم فصلها مستشهد بعلمهم وذلك أنه أيقظهم عن سنة غفلتهم عنها حين قال: ﴿أمدّكم بما تعلمون﴾ ثم عدّدها عليهم وعرّفهم المنعم بتعديد ما يعلمون من نعمته وأنه كما قدر أن يتفضل عليكم بهذه النعمة قادر على الانتقام منكم ولم يقدّر الله تعالى هدايتهم.
(٧/٥٢)
﴿قالوا﴾ له راضين بما هم عليه ﴿سواء علينا أوعظت﴾ أي: خوفت وحذرت ﴿أم لم تكمن من الواعظين﴾ فإنا لا نرعوي عما نحن فيه، فإن قيل: لو قيل أوعظت أم لم تعظ كان أخصر والمعنى واحد؟ أجيب: بأنّ ذلك لتواخي القوافي، أو لأنّ المعنى ليس واحداً بل بينهما فرق لأنّ المراد سواء علينا أفعلت هذا الفعل الذي هو الوعظ أم لم تكن أصلاً من أهله ومباشريه فهو أبلغ في قلة اعتدادهم بوعظه من قولك أم لم تعظ، وقرأ قوله تعالى:
(٧/٥٣)
أي: ما ﴿هذا﴾ أي: الذي جئتنا به ﴿إلا خلق الأولين﴾ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة بضم الخاء واللام أي: ما هذا الذي نحن فيه إلاعادة الأولين في حياة ناس وموت آخرين وعافية قوم وبلاء آخرين، وقرأ الباقون بضم الخاء وسكون اللام أي: ما هذا إلا كذب الأولين.
﴿وما نحن بمعذبين﴾ أي: على ما نحن عليه لأنا أهل قوة وشجاعة ونجدة وبلاغة وبراعة، لما تضمن هذا التكذيب تسبب عنه قوله تعالى: