﴿فكذبوه﴾ ثم تسبب عن تكذيبهم قوله تعالى: ﴿فأهلكناهم﴾ أي: في الدنيا بريح صرصر، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في سورة الحاقة ﴿إن في ذلك﴾ أي: الإهلاك في كل قرن للمكذبين والإنجاء للمصدقين ﴿لآية﴾ أي: عظيمة لمن بعدهم على أنه تعالى فاعل ذلك وحده وأنه مع أوليائه ومن كان معه لا يذلّ وأنه على أعدائه ومن كان عليه لا يعز ﴿وما كان أكثرهم﴾ أي: أكثر من كان بعدهم ﴿مؤمنين﴾ أي: فلا تحزن أنت يا أشرف الرسل على من أعرض عن الإيمان.
﴿وإن ربك﴾ أي: المحسن إليك بإرسالك وغيره من النعم ﴿لهو العزيز﴾ في انتقامه ممن عصاه ﴿الرحيم﴾ في إنعامه وإكرامه وإحسانه مع عصيانه وكفرانه وإرسال المرسلين وتأييدهم بالآيات المعجزة.
ثم أتبع قصة هود عليه السلام قصة صالح عليه السلام وهي القصة الخامسة بقوله تعالى:
﴿كذبت ثمود﴾ وهم أهل الحجر ﴿المرسلين﴾ وقرأ نافع وابن كثير وعاصم بإظهار المثناة عند المثلثة، والباقون بالإدغام وأشار تعالى إلى زيادة التسلية بمفاجأتهم بالتكذيب من غير تأمل ولا توقف بقوله تعالى:
﴿إذ﴾ أي: حين ﴿قال لهم أخوهم﴾ أي: في النسب لا في الدين ﴿صالح﴾ بصيغة العرض تأدباً معهم وتلطفاً بهم كقول من تقدم قبله ﴿ألا تتقون﴾ الله، ثم علل ذلك بقوله:
﴿إني لكم رسول﴾ من رب العالمين فلذلك عرضت عليكم هذا لأني مأمور بذلك ﴿أمين﴾ في جميع ما أرسلت به إليكم من خالقكم الذي لا أحد أرحم منه بكم، ثم تسبب عن قوله: ﴿إني لكم رسول﴾ قوله:
(٧/٥٤)
﴿فاتقوا الله﴾ أي: الذي له الغنى المطلق ﴿وأطيعون﴾ فيما أتيت به من عند الله، ثم نفى عنه ما فديتموهم ممن لا عقل له بقوله:
﴿وما أسألكم عليه﴾ أي: ما جئتكم به، وأغرق في النفي بقوله ﴿من أجر﴾ ثم زاد في تأكيد هذا النفي بقوله: ﴿إن﴾ أي: ما ﴿أجري﴾ على أحد ﴿إلا على رب العالمين﴾ فهو المتفضل المنعم على خلقه، ثم شرع ينكر عليهم أكل خيره وعبادة غيره بقوله: