﴿قال﴾ لهم ﴿يا أيها الملأ﴾ أي: الأشراف ﴿أيكم﴾ وفي الهمزتين ما تقدم ﴿يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين﴾ أي: مؤمنين، وقال ابن عباس: واختلفوا في السبب الذي لأجله أمر سليمان بإحضار عرشها فقال أكثرهم: لأنّ سليمان علم أنها إن أسلمت يحرم عليه مالها فأراد أن يأخذ سريرها قبل أن يحرم عليه أخذه بإسلامها، وقيل: ليريها قدرة الله تعالى ببعض ما خصه به من العجائب الدالة على عظيم القدرة وصدقه في دعوى النبوّة في معجزة يأتي بها في عرشها، وقال قتادة: لأنه أعجبته صفته لما وصفه الهدهد بالعظم فأحبّ أن يراه، وقال ابن زيد: يريد أن يأمر بتنكيره وتغييره فيختبر بذلك عقلها.
(٧/١٢٨)
﴿قال عفريت من الجن﴾ وهو المارد القوي، قال وهب: اسمه كودي، وقيل: ذكوان، وقال ابن عباس العفريت الداهي، وقال الضحاك: هو الخبيث، وقال الربيع: الغليظ، وقال الفراء: القويّ الشديد، قيل: إنّ الشياطين أقوى من الجنّ وأنّ المردة أقوى من الشياطين وأنّ العفريت أقوى منهما، قال بعض المفسرين العفريت من الرجال الخبيث المتكبر، وقيل: هو صخر الجني وكان بمنزلة جبل يضع قدمه عند منتهى طرفه، وقوله تعالى ﴿أنا آتيك به﴾ قرأه في الموضعين نافع بإثبات الألف من أنا وصلاً ووقفاً، والباقون وصلاً لا وقفاً، ثم بيّن سرعة إسراعه بقوله ﴿قبل أن تقوم من مقامك﴾ أي: الذي تجلس فيه للقضاء، قال ابن عباس: كان له غداة كل يوم مجلس يقضي فيه إلى نصف النهار، ثم أوثق الأمر وأكده بقوله ﴿وإني عليه﴾ أي: على الإتيان به سالماً ﴿لقويّ﴾ أي: على حمله لا يحصل عجزي عنه ﴿أمين﴾ أي: على ما فيه من الجواهر وغيرها، قال سليمان عليه السلام أريد أسرع من ذلك.