﴿ولقد أرسلنا﴾ أي: بمالنا من العظمة ﴿إلى ثمود أخاهم﴾ أي: من القبيلة ﴿صالحاً﴾ ثم ذكر المقصود من الرسالة بما لا أعدل منه ولا أحسن بقوله: ﴿أن اعبدوا الله﴾ أي: الملك الأعظم وحده ولا تشركوا به شيئاً، ثم تعجب منهم بما أشارت إليه الفاء وإذا المفاجأة من المبادرة إلى الافتراق بما يدعو إلى الاجتماع بقوله: ﴿فإذا هم﴾ أي: ثمود ﴿فريقان﴾ وبين بقوله تعالى: ﴿يختصمون﴾ أنهم فرقة افتراق بكفر وإيمان لا فرقة اجتماع في هدى وعرفان، ففريق صدق صالحاً واتبعه وفريق استمرّ على شركه وكذبه وكل فريق يقول أنا على الحق وخصمي على الباطل، ثم استعطف صالح عليه السلام على المكذبين بأن.
﴿قال﴾ لهم ﴿يا قوم لم تستعجلون﴾ أي: تطلبون العجلة بالإتيان ﴿بالسيئة﴾ أي: التي مساءتها ثابتة وهي العقوبة التي أنذرت بها من كفر ﴿قبل﴾ الحالة ﴿الحسنة﴾ من الخيرات التي أبشركم بها في الدنيا والآخرة إن آمنتم، والاستعجال: طلب الإتيان بالأمر قبل الوقت المضروب، واستعجالهم لذلك بالإصرار على سببه وقولهم استهزاءً ﴿ائتنا بما تعدنا﴾ وكانوا يقولون إنّ العقوبة التي بعدها صالح إن وقعت على زعمه تبنا حينئذ واستغفرنا، فحينئذ يقبل الله تعالى توبتنا ويدفع العذاب عنا، فخاطبهم صالح عليه السلام على حسب عقولهم واعتقادهم فقال.
﴿لولا﴾ أي: هلا ولم لا ﴿تستغفرون الله﴾ أي: تطلبون غفرانه قبل نزول العذاب، فإنّ استعجال الخير أولى من استعجال الشرّ ﴿لعلكم ترحمون﴾ تنبيهاً لهم على الخطأ فيما قالوه فإنّ العذاب إذا نزل بهم لا تقبل توبتهم.
تنبيه: وصف العذاب بأنه سيئة مجازاً إمّا لأن العقاب من لوازمه أو لأنه يشبهه في كونه مكروهاً، وأمّا وصف الرحمة بأنها حسنة فقيل حقيقة وقيل مجاز، ثم إنّ صالحاً عليه السلام لما قرّر لهم هذا الكلام الحق أجابوه بكلام فاسد بأن.
(٧/١٣٨)